يظن بعض ( المسفطجية ) ان الاسلوب كلما كان بذيئا وحادا كلما زاد تأثيره في الخصم ، وهنا تعود بي الذاكرة الى بعض الامثلة من مواجهات النقائض بين جرير والفرزدق ، حيث السب والشتم والاقذاع ، لكن لغة النقائض كانت خفيفة الظل على المسامع تستدر الضحك على المحيا ، فتبادر الى ذهني مثال اخر عن شاعرين عرفا بالمجون والفحش وسلاطة اللسان ، وهما ابن سكرة الهاشمي وابن الحجاج اللذين عاشا في القرن الخامس الهجري وكانا مشهورين بسخف القول وبذاءة اللسان ، ثم ابى وجه الانصاف والمعدلة ان اقارن هذين الشاعرين على الرغم من ( خرائياتهما ) بذلك الذي قرأته لعريبي في رده على الكاتب الساخر وجيه عباس ، حتى السخرية لها اصول وضوابط .
ان هذا اللون من الافحاش في القول يظهر مدى العفونة النفسية الحاقدة والمريضة الشبيهة باسلوب تمطيط الشفاه لدى العواهر وبغايا الملاهي من ذوات اللهجة العفنة ، وهي محاكاة لاساليب ( الخوشيه ) وقطاع الطرق لا بل هي اقرب الى اللهجة الشوارعية التي يتفوه بها السكارى بعدما تذهب اخر قطرة خجل من احساسهم بفعل السكر ، تلك العفونة التي جعلتني اتقيأ من ذلك السجع السخيف الممجوج ، اسلوب بهذه العفونة والنتانة ، جعلني لاول مرة اشعر بان للتهريج والتفريغ المسفط طعم ولون وراحة .
قيح وقبح واشمئزاز وتقزز وبلادة في التعبير يشعر به القارئ عندما تمر عيناه على سطور ذلك (الردح ) الوقح والبعيد عن كل لياقة اخلاقية ، لقد احسنت ياعريبي ! عندما ابتدعت وصفة لغوية تساعد الذين يعانون من امراض التخمة على التقيؤ بسهولة ، لكن هناك مشكلة لهذا الدواء حيث العفونة المفرطة التي يعجز عن ازالتها او تغطيتها اشهر مساحيق وعطورات وبخورات الشرق والغرب.

التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!