السيّد الحكيم(قدس سره) وثبوت العيد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كان السيّد الحكيم (قدّس سرّه) في كلّ شهر قمريّ لا يعتني بنشر خبر ثبوت الهلال عنده، بل قد يهتمّ ومن حوله من السادة بعدم إظهاره وعدم التصريح بذلك.
وذلك لاهتمامه (قدّس سرّه) بأن لا تتكثّر الكلمات، ويثار الجوّ على المرجعيّة الدينيّة، وأن يبقى الاجتماع قدر الممكن على كلمة واحدة، لغلق الباب، باب التهريج على الذين يتصيّدون بالماء العكر، حتّى أنَّه لم يكن يعلن أمر الهلال إلّا في الأشهر التي يترتّب عليها الحكم الشرعيّ الملزم كالصيام والحجّ.
وأنتج ذلك أن يكون الاختلاف الفقهيّ عند الناس أمراً طبيعيّاً متفهّماً لا يخرج عن أبعاده.
وينقل من كان بخدمته (قدّس سرّه) أنَّه كان يثقل عليه جدّاً أمر الهلال في سنوات الاختلاف في ثبوته بين مبناه ومبنى السيّد السيستانيّ (دام ظلّه).
وكان ينتظر في إعلان ثبوت الشهر عنده لأوقات متأخّرة من الليل، عسى أن تأتي شهادات شرعيّة للسيّد السيستانيّ (دام ظلّه)، فيثبت الشهر عنده، ويكون الموقف موحّداً.
وكثيراً ما كان (قدّس سرّه) يحثّ على الاعتماد على التواصلات الشخصيّة بدلاً من الإعلان الرسميّ عن أمر الهلال في سنوات الاختلاف.
أمّا إذا اتّفق أن كانت بداية الشهر الفضيل أو نهايته محلّ اتفاق على المباني، لا يبادر لإعلان موقفه ورأيه، ويبقى ينتظر إعلان السيّد السيستانيّ (دام ظلّه)، ثمَّ يعلن ثبوت الشهر أو العيد عنده (قدّس سرّه).
وعلى الجانب العمليّ لم يكن (قدّس سرّه) يستقبل الناس يوم العيد على مبناه، ويترك مكتبه مغلقاً، ويفتح للناس يوم العيد على رأي السيّد السيستانيّ (دام ظلّه).
وأيضاً لا تفتح الجوامع التي تحت رعايته إلّا إذا اتّفق الشهر، لتقام فيها صلوات العيد، أمّا إذا انفرد، فإنَّها مغلقة، كي لا يكون هناك تشتّت في الموقف العام أو إرباك لوضع المجتمع.
هذا السلوك الرائع والأسلوب المتميّز من علمائنا في تقدير الأمور، ورعاية الشأن العام، والاهتمام بوحدته، وعدم التشويش فيه، من مفاخر الطائفة وأوسمة شرفها، التي تعكس مدى ورع العلماء، وارتباطهم بالمبدأ، وزهدهم بالدنيا ومظاهرها ومواقعها مهما كانت.
ورسالة معبّرة تكشف مكنونات نفوسهم العالية، وتوضّح لنا طبيعة تصدّيهم للمرجعيّة وواقعه، وأنَّه ليس إلّا استجابة للتكليف.
وهو درس لكلّ الأجيال في الاهتمام بحفظ الحكم الشرعيّ، مع عدم الغفلة عن الحركة الاجتماعيّة واستقرار المجتمع المؤمن وتوجّه المتصيّدين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat