صفحة الكاتب : واثق الجابري

هيبة الدولمة
واثق الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الدولمة واحدة من الأكلات العراقية الشهيرة, وفي الولائم الخاصة تقدم كنوع من ذوق العائلة.

الدولمة ليست أكلة شعبية فحسب، وتسمى سفيرة العراق الى سفرة العالم، ولا تكاد تنافسها أكلة أخرى، ومن متطلبات العائلة والإهتمام بالضيوف، ودون منازع تقدم ساخنة وسط سفرة الطعام، وفي العائلة لها مراسم وأيام خاصة، وتلتقط لها صور وهي في القدر الى حين نزولها الى الصينية، ليراها من يحب العائلة ومن يبغضها، وتُظهر المستوى المعاشي للعائلة حسب مكوناتها.

أصل الدولمة الى حد التشابه مع المحشي المصري، ودخلت للعراق في الإحتلال العثماني، وجرت عليها تعديلات كثيرة من زيادة اللحم المفروم والسمن والضلوع والزند في قعر القدر، وعيدان السلق، وشاع طبخها في لبنان ومصر وفلسطين والجزائر، ويختلف مظهرها الخارجي ومحتواها من عائلة لأخرى، حسب ما تُلَفُّ به محتوياتها، بورق السلق او العنب أو البصل والباذنجان والفلفل، وحسب ما متوفر وإمكانية العائلة، وحتى قدورها إختلفت، وبذلك دخلت صراع المساواة والعدالة، وكل العوائل تعملها ولا عدالة في طبيعة مكوناتها.

رغم الإختلاف عليها، إلاّ أن هناك إتفاقاً على إنها لا تكلف العائلة من أدوات كثيرة، سوى قدر وصينية، وتستخدم للسَفرات والتنزه، وكأنها أكلة جافة يسهل حملها في قدرها، وميزتها بأن لا تقدم بشكل إنفرادي، ودائما ما تجمع العائلة أو مع الضيوف، وما تزال محافظة على قدرها على جمع الأيادي متبادلة متكافلة على مكان واحد، لذا من النادر تقديمها في المطاعم.

إن الدولمة بصفاتها جعلت لنفسها هيبة، بين الأكلات وعلى السُفرات, سواء كانت باللحم أو التمن والخضار، وفي الأحوال كلها تؤدي أدوارها، كأكلة تُعبر عن نفس من يقدمها، وتدل على الإعتزاز بذلك الشخص الذي سيتناولها، والطاهي يتدخل بكل تفاصيلها، ويده معها الى حين إنزالها على مائدة الطعام.

الدولمة منهم من يظنها الدولة، وقد لا يرى حرف الميم، ولكنهما تختلفان في كثير وتتشابهان في أخرى، فالدولمة تؤكل والدولة تبنى أو تهدم، إلاّ أذا إجتمع الفاسدون في أكلها وفرم عظمها، والدولة ثابتة بحدودها ،والدولمة يضاف لها ويُنقص منها ويكبر ويصغر قدرها، ولكن الدولة ثابتة المفاهيم والتقاليد والحدود، ولكنهما تعبران عن اخلاق شعبهما وقيمهم، وتستطيعان جمع من يستفيد من فائدتهما، وللدولمة هيبة بين أفراد المجتمع العراقي، فيما الدولة تفقد هيبتها أن نهبها الفاسدون ومن يخالفون قوانينها، حتى أولئك الذي يعتقدون أنهم يتحركون ضمن سقوف الحرية والديمقراطية، أو إصلاح منظومة فاسدة بمفاهيم وقيم ومنظومة أفسد، ويبدو أن الدولة صارت كالدولمة، تلف وتطبخ وتجتمع عليها الأيادي، إلاّ أن الفرق فيها أنهم لا يتذكرون طعمها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


واثق الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/02



كتابة تعليق لموضوع : هيبة الدولمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net