اللهم صلِّ على محمدٍ وآل محمدٍ الفلك الجارية في اللجج الغامرة.. أين الشعبانيون؟(2)
محمد جعفر الكيشوان الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد جعفر الكيشوان الموسوي

تذكير وتوكيد بأن آل محمد صلوات الله عليهم هم أحد الثقلين اللذين أوصى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بالتمسك بهما بعده كي لا تضل الأمة. ومرة أخرى يجادلني صديقي العزيز في قول النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم حول حديث الثقلين وأننا (الشيعة) قد زدنا (أهل بيتي) على الحديث وان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد قال : "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وسنتي"؟ لا أدري لماذا هذا الإصرار من بعض الأحبة بحرف الأنظارعن مكانة أهل بيت العصمة والطهارة عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خلال حذف جملة هنا وإضافة جملة هناك! للإجابة على سؤال صديقي العزيز أقول بإيجاز شديد وبعيدا عن ذكر الأحاديث المتواترة والرواة التقاة الثقاة فذلك مثبت في كثير من مصادر أحبتنا أهل السنة ومعروف وواضح ولا يحتاج على إلفات نظر وتنويه، لكني أريد أن أقول هنا في جواب صديقي الكريم شيئا مختلفا: أيها الصديق والأخ الحبيب أن التمسك بعترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أيضا من سنته الشريفة. فحتى لو قال الرسول ص : (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وسنتي) فذلك يعني بلا ريب "وعترتي أهل بيتي". أوليست عترة النبي من سنّته الشريفة.؟ أو ليست أقوال النبي وأفعاله من السنّة؟! لقد ذكرت في الجزء الأول آية "وما ينطق عن الهوى" فلا وجوب لتكرارها في هذا الجزء المختصر. لم يدع النبي صلى الله عليه وآله وسلم مناسبة إلاّ وبيّن فضائل علي عليه السلام. وسوف لن نأتي بجديد ان كتبنا هنا مئات الصفحات عن فضائل علي بن أبي طالب، فأمير النحل عليه السلام كالشمس في رابعة النهار، لا يعشو عن نوره إلاَ من يشكو ضعف البصيرة قبل ضعف البصر. كثافة ومتانة وتوكيد أقوال النبيّ على أفضلية وأحقية ومكانة ومنزلة ومقام وجاه علي عليه السلام عنده وبالتالي منزلة علي ع ومقامه وجاهه عند الحق سبحانة كانت كافية لتعلم الأمة أن منزلة علي عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هي بمنزلة هارون من موسى وان لم يقل النبي لعلي "أما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبيّ بعدي"! أرجو التوقف قليلا هنا للوصول إلى حقائق منطقية وعقائد إيمانية وحجج عقلية وليست مجرد أفكار وآراء تهريجية لا تستند إلى الدليل الموضوعي وتخرج عن نطاق البحث العلمي الرصين والذي مكانه هو رواقات العلم ومراكز البحث المختصة لعلماء أعلام وأساتذة كرام وباحثين عن الحقيقة بكل حيادية وإنصاف مع التسليم لـ" مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ". الغريب أن البعض يحاول ان يقفز حول الحقائق الثابته والمثبتة رغم ما رواه مما سمعه ممن يثق به عن نبي الإسلام حول مكانة أهل بيته الأطهار عنده، ومما رآه من أفعال الرسول ص وهو ينادي جهرا " فاطمة بضعة مني"و "علي أخي ووزيري" و"أحب الله من أحب عليا"و "أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن أراد الدخول إلى المدينة فليأت الباب". أيها الصديق الحبيب ما معنى فلياتِ الباب!. أليس هذا مما أمر الرسول بإتباعه!! أكان الرسول "ينطق عن الهوى" حاشاه وهو المسدد من السماء!!! أليس من الحكمة والصواب وحسن الإيمان التسليم والإذعان لأوامر نبينا الأكرم والسير على خطاه وهداه سائلين الله ان نكون ممن عمل بسنته وحافظ عليها. علينا أن نفهم لمجرد الإشارة وكما قيل فإن الحرّ تكفيه الإشارة، فكيف إذن مع التصريح ومع التصريح تكرار وتوكيد من لدن سيد الكائنات وخاتِم الأنبياء وخاتَمَهم صلى الله عليه وآله وسلم على منزلة أهل بيته الكرام. قد ينبري لي سائل آخر ويقول أن هذا الحديث حديث "أنا مدينة العلم وعلي بابها" لم يرويه الكثيرمن أهل السنة؟ والجواب كما تقدم وقلت : وإن لم يكن هناك أي حديث فأقوال النبيّ وافعاله تدل مما لا لبس فيه ولا جدال على منزلة علي عنده صلى الله عليه وآله وسلم. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فهل أن الكثير الذي يرويه الأحبة من أهل السنة يؤخذ به؟ وثالثا : هل أن الذي لا يرويه أهل السنّة لم يكن موجودا البتة عند غيرهم واذا كان موجودا فهل انه غير صحيح لأنه لا يوجد في كتب الصحاح؟
ورابعا : أن الكثير من روايتنا هي عن طريق الأحبة أخوتنا اهل السنة!!!. المشكلة ليست في اهل السنة وعلماء أهل السنة وعموم أهل السنّة فلم أتلقِ بأحدٍ منهم إلاّ وأصبح قريبا إلى قلبي أحبه ويحبني في الله. واقعا أخجل أحيانا عندما أقول نحن أخوة وكأنما أريد إثبات أمر لم يكن في الأصل كذلك. نحن أخوة وإن لم أقل نحن أخوة. هل يُعقَل أن يكون لي أخا في الخلق وهو على غير ملتي وأخي الذي الذي يشاركني الخلق ويشاركني الملة والعقيدة يكون كأخي وليس أخي بما تعنيه الاخوة من معنى دون كاف التشبيه!! أجل سيدي الكريم ليست هناك مشكلة إنما المشكلة في الأهواء وحبّ الدنيا والمُلك والسلطة والجاه ولا غرابة في ذلك. لا غرابة فيمن يريد إزالة أهل البيت عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها، فهناك من إتخذ إلهه هواه! لا فقط يرفع ويضع بغير وجه حق وإنما يعبد هواه بصريح القرآن فقد قال الله تعالى "أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ. لا أحب إثبات أننا وأهل السنة إخوة فالمثبت لا يحتاج إلى إثبات والحبيب يعرف مكانه في القلب ومكانته في الوجدان ولكن سأكتب عن لقطة واحدة فقط كي لا اطيل على القاريء الكريم :
في العمرة قبل عامين..
ذهبت بتوفيق من الله تعالى إلى العمرة مع مجموعة مباركة وكان صاحب الحملة ومديرها سيد جليل من السادات الأشراف لم أتعرف عليه فيما مضى. كان أكثر من ثلثي الحملة من أحبتنا أهل السنة المحترمين وكانت هناك عائلة محترمة هي عائلة أم عمر قد جاءوا مع إبنهم عمر المتزوج حديثا وقتئذ قاصدين العمرة وزيارة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. كنت عندما أتحدث مع السيدة الفاضلة أم عمر عن الإمام زين العابدين عليه السلام وكيف كان يتعلق بأستار الكعبة مناجيا ربه، أرى دموع أم عمر الغزيرة تنهمر على وجنتيها وتكاد تسقط أرضا وهي تقول سلام الله على أولياء الله الأوفياء المخبتين. وعندما أتحدث مع عمر عن فضائل علي عليه السلام ومواقفه الإنسانية أرى صديقي الكريم عمر يطيل النظر في وجهي ولا يتكلم شيئا! سألته ذات مرّة مِمَّ أيها الحبيب نظراتك تلك؟ أجابني صديقي : واقعا أنا مندهش منك يا سيد وخاصة أني قد عرفتك من النجف وكربلاء، لقد كنت أظن أنكم فقط تتظاهرون بحبنا ولكني اليوم أدركت أن حبكم لنا حقيقي فأنت تتحدث إليّ تماما كأخيك دون أن طلاء أو صبغ او مجاملة. يواصل عمر : انا وانت يا اخي العزيز قد أوجدنا جوّا رائعا لم أعهده من قبل، جوا مليئا بالحب الصادق فأنا السنيّ أناديك يا سيدنا العزيز وانت الشيعي تناديني ياعمر الكريم فالكل هنا معنا في الحملة يعيش العز والكرم ثم يحتضنني عمر ويقول لي : احبك في الله يا سيد وأنا أقول له أحبك في الله يا عمر.عائلة أم عمر المحترمة هم الآن من اعز اصدقائنا واحبتنا والأولاد في تواصل دائم معهم. قول صديقي عمر فيّ ليس مدحا لي وانما يدل على نقاء سريرته وحبه لأخيه في ملته. القصد من هذه اللقطة وغيرها هو أن المشكلة كما ذكرنا آنفا هي في الأهواء و(ضعضعت) الإيمان وحب الدنيا فهي مصدر غلبة الشهوات وتحكيم الهوى فحب الدنيا يجعل من صاحبه هستيريا لا يرى إلاّ هواه ولا يطيع إلاّ شهواته فالمصائب تلو المصائب هي في حب الدنيا "حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة".
والدتي ومداراتها لوالدي..
تجيد لغته التي يتكلم بها عندما لا يقول شيئا. فهي تفهم من الإشارة فتترجم وتتصرف. نشرح اكثر: عند إجتماعنا على المائدة تكون نظراتها بإتجاه الوالد فإن رأته ينظر يمينا مثلا فتعرف أنه يبحث عن القليل من الملح، بسرعة خاطفة تناوله الملح مع جملة : أعتذر لقلة الملح في الطعام. وإن أطرق برأسه ولم يرفعه فتعرف أن الملح كان أكثر مما ينبغي فتعتذر في الحال كذلك. وإن نظر شمالا فتناديني : جعفر أحضر الماء لسيدك ومولاك.. وهكذا كل يوم وعلى مدار العمر. الخلاصة : معاشرة الزوجة لزوجها مع الاهتمام به سوف تصل إلى مرحلة قراءة أفكاره وتوجهاته واكثر من ذلك تترجم كل أقواله وأفعالة ترجمة دقيقة وصحيحة لأنها لم تاتِ عن فراغ وكما يقال ان الطبيعة تأبى الفراغ.. أقول كيف لمن عاصر وصاحب ورافق النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لا يعرف مَن هو الذي يكون عنده بمنزلة هارون من موسى وإن لم يصرّح به؟ كيف كان ممن يجالس النبيّ لا يستبط ذلك ويستنتجه من خلال سماعه لأقوال النبي ص عن علي عليه السلام " النظر إلى وجه عليّ عبادة" وافعال النبيّ كتودده للحسنين عليهما السلام. عن جابر قال : دخلت على النبيّ والحسن والحسين على ظهره وهو يجثو بهما ويقول : "نِعم الجمل جملكما ونِعم العدلان أنتما". يعني وين المشكلة بالضبط؟! فحتى وألف مرة فحتى لو لم يقل النبيّ ص (أنا مدينة العلم وعلي بابها) إلا ليت شعري من يكون المرجح بأن يكون باب علم النبي الذي منه يؤتى؟ّ هل نستكثر على من فداه بنفسه ووقاه وبات على فراشه أن يكون هو باب علم مدينته. أكثر ما لفت إنتباهي هو قول أحد العلماء أن حديث " انا مدينة العلم وعليّ بابها" هو حديث ضعيف وركيك وووو....الخ، وأن احسنها (أيّ الأحاديث في حق عليّ ع) هو حديث حبشي بن جنادة : "عليّ مني، وأنا مِن عليّ". أقول : وهذا ما ينطبق عليه المثل : (إجه يكحلها عماها). عجيب حقا : إذا كان علي هو مِن النبي، واالنبيّ ص هو مِن علي، فهل كثير على أمير المؤمنين وإمام المتقين ويعسوب الدين أن يكون باب مدينة علمه؟ سؤال لا نريد الإجابة عليه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat