صفحة الكاتب : عبير المنظور

فاطمةُ الزهراءُ فكرٌ ثوريٌّ ومنهجُ إباء
عبير المنظور

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

فِكرُ الثورةِ والإباءِ الفاطمي كانَ ولا زالَ منبعًا ثرًّا يستقي منه الأحرارُ الدروسَ والعِبَرَ حتّى وقتِنا الحاضر؛ فهو مُتجدِّدٌ عِبرَ الأزمان، فالمفاهيمُ واحدةٌ وإنْ تعدَّدتْ مصاديقُها حسبَ الظرفِ الزمني وتحدّياته على المستوى الاجتماعي والسياسي والمعرفي وغيرها.
ونقصدُ بالفِكرِ الثوري الفاطمي منهجيةَ أساليبِ الزهراءِ (عليها السلام) في مُقارعةِ الظُلمِ والظالمين وفي نُصرةِ إمامِ الزمانِ بكُلِّ الوسائلِ والإمكانياتِ المُتاحة.
ولقد تعدّدَتْ أساليبُ الثورةِ الفاطميةِ حَسَبَ الظرفِ الذي يفرضُه واقعُ الأُمّةِ الموضوعي تجاهَ الأحداثِ المُتسارعةِ بعدَ رحيلِ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)، وهو مسلكٌ مهمٌ في التدرُّجِ بعقليةِ الأُمّةِ ووعيها لظروفِها وتحدّياتِ مرحلتِها؛ فاتخذتْ (عليها السلام) من الدعاءِ والبكاءِ والرثاءِ والكلمةِ والاستنصارِ (طلب النصرة) والإنذارِ والتبليغِ وإلقاءِ الحُجّةِ على الخصمِ والاعتزالِ والمُقاطعةِ وإعفاءِ موضعِ قبرِها منهجًا مُتكاملًا لا يسعُنا تفصيلُه بهذهِ السطور.
لقد تنوّعتْ هذه الأساليبِ بالكمِّ والكيفِ فمنها أساليبُ تربيةِ النفسِ وتهذيبِها وربطِها بساحةِ ربِّ العِزّةِ من خلالِ الدُعاءِ وهو في النصوص مُخُّ العبادة؛ لأنّ هذا الأسلوبَ يشدُّ المرءَ إلى خالقِه، ويُشعِرُه بقيمتِه الحقيقيةِ وعجزِه والغايةِ من خلقهِ.
وبعدَ هذا الأسلوبِ الذي يشحنُ الروحَ بشُحناتٍ إلهيةٍ من خلالِ التقرُّبِ للهِ (جلَّ جلاله) تدرّجتْ السيدة فاطمةُ (عليها السلام) بأساليبَ تُغذّي العاطفةَ كالبكاءِ والرثاءِ ووظّفَتْها في ترسيخِ مفاهيمِ الدينِ عامّةً والنبوّةِ خاصّةً.
ثم تطوّرتِ الأساليبُ وازدادتْ قوّةً حتّى وصلتْ إلى الوقوفِ بوجهِ الحاكمِ الظالمِ بالكلمةِ والخطابِ وما يترتبُ عليه من آثارٍ على كافةِ الصُعُدِ وما انتجَه هذا اللونُ من الفِكرِ الثوري في كشفِ الأقنعةِ وتعريةِ الخصمِ عن واقعهِ اللا إسلامي وإنْ تلبـّسَ بلباسِ الإسلام.
ثم تدرّجتْ (عليها السلام) في هذا المُخطّطِ الثوري المُمنهج بمنهجِ الرحمن حيثُ وقفتْ بحزمٍ وتحدٍ وصلابةٍ لنُصرةِ الإمامةِ من خلالِ أسلوبِ الاستنصارِ، حيثُ قرعتْ أبوابَ المدينةِ بيتًا بيتًا لمدةِ أربعينَ يومًا تُطالبُ الأُمّةَ ببيعتِها لإمامِ زمانِها.
وبهذا تكونُ الزهراءُ (عليها السلام) قد قفزتْ بأساليبِها الثوريّةِ من الجُهدِ الفردي إلى الجانبِ الاجتماعي لأفرادِ الأُمّةِ لتأخذَ دورَها في أداءِ واجبِها كقواعدَ شعبيةٍ للرسالةِ الخاتمة.
ولمّا جابهتِ الأُمّةُ أساليبَها المُتعدّدةَ بالخُذلانِ والتراخي كانَ لِزامًا أنْ يأتيَ دورُ المُقاطعةِ والاعتزال، بل وحتّى إعفاءِ موضعِ القبرِ لما له من دِلالاتٍ وإيحاءاتٍ للأُمّةِ على مظلوميةِ الزهراء (عليها السلام).
إنَّ فهمَ الفكرِ الفاطمي ومُحاولةَ تطبيقِه في زمنِ الغيبةِ يرسُمُ لنا ملامحَ الانتظارِ الحقيقي للمُنتظرين لإمامِ الزمانِ (عجل الله فرجه)، لنعبــّد به الطريقَ نحوَ تحقيقِ الوعدِ الإلهي على الأرضِ في ذلك اليومِ الموعود.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبير المنظور
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/01/28



كتابة تعليق لموضوع : فاطمةُ الزهراءُ فكرٌ ثوريٌّ ومنهجُ إباء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net