صفحة الكاتب : زعيم الخيرالله

معايير الكم في قراءة الثورة الحسينيّة
زعيم الخيرالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الثورة الحسينية ، حدث عظيم ، تجاوز الزمان والمكان ، وقد قدمّت قراءات متعددة في محاولة فهم هذا الحدث ، وقدمّت معايير مختلفة في قراءة الثورة الحسينيّة العظيمة.
الذي دعاني للكتابة في هذا الموضوع ، هو مايثار في الصحف ، ومواقع التواصل الاجتماعي ، من تساؤلات ، وتشكيكات ، حول حركة الانبياء في مجتمعاتهم بوجه عام ، والثورة الحسينية بوجه خاص .
من هذه التساؤلات والتشكيكات ، القول : بان اتباع الانبياء هم الطبقة المستضعفة التي لايقيم الناس لها وزنا ، اتباعهم كانوا قلة مستضعفة ، مقهورة ، ومغلوب على امرها ، لم يكن اتباع الانبياء ، اعيان المجتمع ووجوهه ، ولااصحاب ثروات وجاه ، وكذلك الامر مع الامام الحسين عليه ، وان اختلف قليلا ، فالامام الحسين عليه السلام ضمّت حركته بعض الاعيان والوجوه ، كحبيب بن مظاهر ، وضمت بعض قيادات الجيش كالحر بن يزيد الرياحي ، وضمت من كل طبقات المجتمع .وقد جمع كل هؤلاء الصدق والتفاني والاخلاص والتضحية .
الكثرة معيار كمّي ، والقلة معيار كمّي ، ونحن نحكم على الحركات وحقانيتها من خلال معايير الكم ، ونغيّب المعايير الكيفية .
موقف القران الكريم من معايير الكم
----------------------------------
الكثرة ليست معيارا للحق ، فليست كثرة الجماهير والاتباع لشخص ما ، دليلا على حقانيته ومقياسا لايخطيء في ان الحق معه ، القران الكريم يتحدث عن هذا المعيار الكمّي ، ويذم الكثرة التي تنكبت طريق الحق ، ويمدح القلة التي ثبتت على الحق ، واستمرت في الثبات على مواقفها .يقول الله تعالى ذاما للكثرة التي تنكبت الطريق :
(لقد جئناكم بالحق ولكنّ اكثركم للحق كارهون ) . الزخرف : الاية : 78.
(وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) . يوسف: الاية : 103.
( ومايؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون ) . يوسف: الاية : 106.
( وان تطع اكثر من في الارض يضلّوك عن سبيل الله ) . الانعام : الاية : 116.
هذه كثرة تنكبت الطريق ، وحادت عن الجادة ، وانغمست في الاثم والشهوات ، فهي معيار كم ، لايصلح لاثبات الحق .وهناك قلة قليلة صالحة تمسكت بالحق ، وثبتت عليه وواجهت التحديات ، وتحملت المصاعب والالام ، مدحها القران ، واثنى على موقفها يقول الله تعالى حاكيا عن اتباع هود عليه السلام :
( وما امن معه الا قليل ) . هود : الاية : 40 .
( وقليل من عبادي الشكور ) . سبا : الاية : 113.
( الا الذي امنوا وعملوا الصالحات وقليل ماهم ) . ص : الاية : 24 .
وقد تعهد الشيطان امام رب العالمين ، ان يبذل كل مكره وخداعه ، ويوجه كل كيده نحو القلة المؤمنة التي تمسكت بالحق ، كما جاء في قوله تعالى حكاية عن الشيطان :
( لاحتنكن ذريته الا قليلا ) . الاسراء : الاية : 62.
الغرب ومعايير الكم
-------------------
الحضارة الغربية ، حضارة مادية ، وقيمها مادية ، تقيس كل شيء بمعايير الكم ، تقاس الاعمال عندهم بالكم لابالكيف ، فمن يدفع دولارا بنيّة صادقة ، هو محسن بقدر هذا الدولار ، ومن يتبرع بملايين الدولارات ، فهو محسن بدرجة كبيرة حتى ولو كانت دوافعه الرياء والشهرة والمجد الشخصي ، الكيف لايدخل بالحساب ؛ في حين ان نظرة الاسلام تقول : ان العمل لايقاس بكميته وحجمه ، بل يقاس بدوافعه وكيفه .
حتى في اختيار الحاكم ، هم يعتمدون معيار الكم ، من يحصل على 51% من الاصوات هو المؤهل والجدير بالحكم ، والذي يحصل على 49% غير جدير ، وان كانت مزاياه ومؤهلاته اكثر .
معيار الكيف في الثورة الحسينيّة
------------------------------
البعض يقول : ان هناك ماسي ومظالم في العالم ، اكثر مما جرى على الحسين عليه السلام ، فهناك ضحايا الحربين العالميتين ، واعدادها الهائلة من القتلى والجرحى والمعوقين ، وهكذا الامر في كل الحروب ، ومعاناة السجون والتعذيب ، ويقولون ان عاشوراء كان ساعات من يوم واحد ، للاسف هذه معايير كم في قراءة عاشور، اما معايير الكيف فتقول : ان الحسين عليه السلام رجل لانظير له ، ولايمكن ان يقاس باحد ، واهل بيته اطهر اهل بيت على وجه الارض، واصحابه خير الاصحاب على حد تعبير الامام الحسين عليه السلام . عاشوراء بمعيار الكم سويعات من يوم واحد ، اما بمعيار الكيف ، فعاشوراء اختزلت كل الزمان ، وكل المكان ، وبقيت صرخة خالدة ، لاتمحى من صفحات الوجود .
الامام الحسين طلب النصرة ، وفي نفس الوقت سمح لمن جاء معه ، ان ينسحب من البقاء معه ، لماذا ؟ لانه لايريد الكم ، يريد الكيف ، معادلات عاشوراء تختلف عن معادلات اية معركة اخرى ، المعارك الاخرى تريد كما من البشر ، اما معادلات عاشوراء فتبحث عن معايير الكيفية في الانصار .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زعيم الخيرالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/09/24



كتابة تعليق لموضوع : معايير الكم في قراءة الثورة الحسينيّة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net