راوٍ من بين السطور
عبد اللطيف الشميساوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد اللطيف الشميساوي

في سنة من السنين العجاف التي رزؤنا بها، كانت اشد مرارة ومعاناة من اي فترة عشناها في هذه الحياة الدنيا.
نعم في سنة لم استطع كعادتي كل سنة ان احظر عند مرقد مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام )، لتجديد البيعة والولاء بمناسبة عيد الله الاكبر يوم الغدير الاغر ، اليوم الذي كمُل فيه الدين وتمت فيه النعمة بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام ).
فخرجت اتبادل التهاني مع الناس وابارك لهم، ساقتني قدماي إلى باب المسجد الذي لم افارقه وانا في أحلك الظروف .
دخلت المسجد وجدت بعض المؤمنين يهنئ بعضهم بعضا، بعض ينشد شعرا بحق يوم الغدير وبعضهم يوزع الحلوى مع ندرتها وقلتها وملؤه السرور والبهجة ، انا في هذه الاجواء من الفرح والغبطة اتجهت صوب مكتبة المسجد التي تشكو قلة كتبها، عبث الظالمين في رفوفها خوفا من ان يكون هناك كتاب يوقد في النفوس جذوة نار تحرق البؤس والفقر والظلم، دنوت من تلك الرفوف المتهالكة لتمتد يدي لكتاب يتحدث عن فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)، بدأت اقلب صفحاته بعد ان نكثت الغبار عنه لتقع عيني على كلمة الولاية لعلي، قرأت بعض السطور وقرأت حتى وصلت إلى رواية يرويها أحدهم وهو من الذين انقلبوا على الاعقاب عن يوم الغدير.
عجبا .. عجبا ...
اتسائل مع نفسي أيعقل هذا!!!
كيف يروي هذه الحادثة ثم ينكرها ؟
فعدت إلى نفسي اكلمها مهلا أيتها النفس فلا تغتري ....
ثم خاطبته معاتبا أيها الراوي أحقا مانقرئه هو روايتك؟!
كيف شاهدت وسمعت كل ذلك ثم تجحده؟!
لكن مع هذا اسمعني ماشهدت وسمعت في ذلك اليوم؟
وإذا بالتنهد يخرج من بين السطور الصامته.
وراوي الحروف يتألم ويقول كفى تقريعاً .. كفى لوماً ...
فلو قضمت عشر اصابعي ندماً ما هون ذاكَ ولو ذرة مما انا فيه.
استمع أيها الناظر لحروفي استمع لقولي....
عندما اكملنا مناسك الحج مع اشرف خلق الله اجمعين رسول الإنسانية المصطفى محمد( صلى الله عليه و آله وسلم )، بدأ الحجيج بالخروج من مكة، عشرات الالوف من الناس عندما حآن تفرقهم سار بعضهم في اتجاهات مختلفة، إذا بنا نسمع اصوات نداء تأمر الناس بالوقوف وترجع من تفرق .
بدأ احدنا يسأل الآخر ..
ما الأمر ؟
ما الذي حدث؟
اهذا مكان استراحة في حر هذا الهجير ؟
لكن اصحاب الاصوات اخبروا الناس بإن ذلك هو أمر النبي وأن شيء مهم نزل من السماء.
رأيت بعضهم يصنع لرسول الله منبرا من احداج الابل إلى ان التحق الجميع، اعتلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) منبره الجديد، كان بعضنا يضع جزء من رداءه تحت قدميه من شدة حراراة الارض، بدأ خطابه قال ماقال من جميل القول واحسنه حتى إذا اشهدنا جميعا على ذلك رأينا العجب، رأينا ما لم نكن نريد رؤيته في انفسنا المريضة،
رأيناه اصعد عليا إلى جنبه وأخذ بيد علي ورفعها حتى بان بياض ابطيهما وقال :
من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من ولاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله الى آخر كلامه .
كأن الأمر نزل كالصاعقة على البعض منا لكنه أمر الإله،
ذاك كله حدث يوم الغدير.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat