في ذكرى سقوط الصنم البعثي: ذكريات ودروس
الشيخ حسين المياحي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ حسين المياحي

عند سقوط الصنم كنت متشوقاً لسماع رد الفعل من آية الله المجاهد الشهيد السيد محمد باقر الحكيم، وقد حظيت آنذاك بشرف الحضور في مجلسه.
كنت أتصور أنه يفرح مثلنا نحن الشباب الذين أصبحنا نهنئ بعضنا بسقوط الطاغية، فما عاناه الشهيد الحكيم، ووالده الإمام الحكيم قدس سره بل أسرة الإمام الحكيم قاطبة، لم تعانه أسرة في العراق مطلقاً، كمّاً ونوعاً.
جلس رحمه الله على المنبر، وكان هادئاً بشكل كبير، جادّاً في نظراته وحركاته وكأن شيئاً لم يحدث.
بدأ حديثه بقوله تعالى: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. ثم ألقى نظرة تفسيرية رائعة عززها بشواهد وأمثلة، ومن بعض الأمثلة ما حصل لصدام ونظامه. وقد شعرت حينها كأننا حضرنا واحداً من دروسه التفسيرية الاعتيادية.
أما في حديثه السياسي فدعا كثيراً إلى الاهتمام بالمرحلة الآتية، ولم يشغل نفسه بالحديث عن (الماضي) فضلاً عن كلمة (شماتة) واحدة.
وبعد أشهر، حصل ما حصل لأبناء صدام، وشاع الخبر في العراق، ومن الطبيعي أن يفرح المظلومون بما حصل.
نقل لي أحد أقربائه المقربين قائلاَ: عندما بلغه الخبر، وأراد بعض أفراد حمايته إظهار الشماتة بطريقة ما، قال له السيد: نحن لا نشمت بالمصائب، إلا أننا نقول: الحمد الذي كفى الناس شرهم. فالمصائب تصيب الجميع وليس من شيمتنا ولا من أخلاقنا الشماتة.
ولو عدنا إلى الوراء لرأينا أن هذه القيم ليست من ابتكار السيد الحكيم، مع جلالة قدره، إنما هي أخلاق النبي (ص) والأئمة (ع) ... ففي ثورة المدينة قام الثوار بملاحقة بني أمية، فالتجأ بعضهم إلى منزل الإمام السجاد (ع) ومن هؤلاء مروان وعائلة مروان. فلم يجدوا سوى الترحيب والحماية الكاملة والرعاية، ولم يمسسهم أحد بسوء، مع أنهم قتلة أبيه الحسين (ع).
هذه هي الأخلاق التي تعلمناها من أهل البيت (ع) وشيعتهم الأبرار، لا ما نراه اليوم من بعض (المحسوبين) على الشيعة الذين يشمتون بالغرقى وضعاف الناس ممن تعرضوا للفيضانات في مناطق الأهواز وغيرها من مناطق إيران، مع أنهم مسلمون، شيعة، والكثير منهم من العرب، ومن عشائر عربية تنتشر في العراق والوطن العربي كما يسمى سابقاً. وفي كل الأحوال هم بشر مثلنا، والناس إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق.
ومن المؤسف أيضاً أن بعض الشامتين لا يلتفت إلى ما يحصل في العمارة والكوت والبصرة وديالى من فيضانات فعلية، بل إن بعضها يهدد العاصمة بالغرق لا قدر الله.
كما أنه لا يلتفت لما يحصل في بلدنا من الكوارث الدائمة حتى أصبحنا مدمنين عليها لكثرتها وشدتها وعدم انقطاعها.
ولكن: لا تعجبوا من هذا البعض (الشامت)، فالوجه الحقيقي للعراقي الأصيل بريء من هذه الشيمة التي تفتقر للضمير والإنسانية والرجولة فضلاً عن الدين. ونحن أعرف بأصحابها ومن رباهم عليها.
من منشورات صفحة درع المرجعية على الفيس بوك
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat