هل صفة “باب الحوائج” للإمام الكاظم (ع) سنية أم شيعية؟
وفاء حريري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن لآل بيت الرسول (ص) مكانة عظيمة عند الله خصهم بها عن العالمين فجعلهم الوسيلة بينه وبين الناس وأعطاهم كرامات عدة منها قضاء حوائج الناس ومساعدتهم في الشدائد. ولإمامنا السابع موسى بن جعفر (ع) فضائل يطول الحديث عنها، فكان طاقة علمية تشع بالعطاء منذ الصبا، حتى لقب بـ “زين المجتهدين”. كما كان معدن الجود والكرم وقد اشتهر بقضاء حوائج الناس وحث أتباعه على ذلك بقوله:” إن لله عبادا يسعون في حوائج الناس، هم الآمنون يوم القيامة. ومن أدخل على مؤمن سرورا فرج الله عنه يوم القيامة”(1)، وقوله إلى علي بن يقطين:” يا علي كفارة أعمالكم الإحسان إلى إخوانكم، إضمن لي واحدة وأضمن لك لك ثلاثا، إضمن لي أن لا تلقى أحدا من اوليائنا إلا قضيت حاجته، وأكرمته، وأضمن لك أن لا يظلك سقف سجن أبدا، ولا ينالك حد سيف أبدا، ولا يدخل الفقر بيتك أبدا..”(2)، فلقب الإمام (ع) بباب الحوائج.
لكن هل صفة “باب الحوائج” جاءت من أتباع أهل البيت (ع) أم من أتباع المذاهب الأخرى؟
بعد البحث يجد المرء أقوالا في مصادر أهل السنة تؤكد أن الإمام الكاظم (ع) قد عرف بقاضي الحوائج فقد اشتهر عن الإمام محمد بن إدريس الشافعي ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة أنه كان يزور قبر الإمام الكاظم (ع) ويقول: “قبر موسى الكاظم ترياق مجرب لإجابة الدعاء”(3).
وذكر ابن حجر الهيتمي في كتابه “الصواعق المحرقة” الإمام (ع) ووصفه بأنه: “هو وارث أبيه علما ومعرفة وكمالا وفضلا، سمي الكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه، وكان معروفا عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله، وكان أعبد أهل زمانه، وأعلمهم وأسخاهم”(4).
ونقل عن الخطيب البغدادي في تاريخه عن إمام الحنابلة في عصره الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال أنه قال: “ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به، إلا سهل الله تعالى لي ما أحب”(5).
وقال إبن الصباغ المالكي عن الإمام (ع): “وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج إلى الله، وذلك لنجح قضاء حوائج المسلمين، ونيل مطالبهم وبلوغ مآربهم وحصول مقاصدهم”(6).
كما وصف الشيخ الشافعي كمال الدين أبو سالم محمد بن طلحة إمامنا الكاظم (ع) قائلا: “هو الإمام الكبير القدر، العظيم الشأن، الكبير المجتهد، الجاد في الإجتهاد، المشهور بالعبادة، المواظب على الطاعات، المشهود له بالكرامات،….. ويعرف بالعراق بباب الحوائج إلى الله لنجاح مطالب المتوسلين إلى الله تعالى به، كراماته تحار منها العقول، وتقضي بأن له عند الله تعالى قدم صدق لا تزل ولا تزول”(7).
وكتب علي بن أنجب الساعي الشافعي عن الإمام (ع) قائلا: “أما الكاظم فهو صاحب الشأن العظيم، والفخر الجسيم كثير التهجد الجاد في الاجتهاد المشهود له بالكرامات…، ولكثرة عبادته يسمى بالعبد الصالح، ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله لنجاح المتوسلين الى الله تعالى به، كراماته تحار منها العقول وتقضي بأن له قدم صدق عند الله لا يزول”(8).
أما الشيخ سليمان القندوزي الحنفي فقد قال عن الإمام (ع)، فقال: “وكان عند أهل العراق معروفا بباب قضاء الحوائج عند الله، وكان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم “(9).
وفي كتابه “أخبار الدول وآثار الأول في التاريخ” قال المؤرخ أحمد بن يوسف الدمشقي القرماني: “هو الإمام الكبير الأوحد الحجة، الساهر ليله قائما القاطع نهاره صائما، المسمى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظما، وهو المعروف بباب الحوائج، لأنه ما خاب المتوسل به في قضاء حاجته قط”(10).
وذكر الحسن بن عبد الله البخشي من أهل حلب في كتابه “النور الجلي في نسب النبي” إمامنا (ع) قائلا: “هو الإمام الكبير القدر، والكثير الخير، كان رضي الله عنه يسهر ليله، ويصوم نهاره، وسمي كاظما لفرط تجاوزه عن المعتدين، وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج، لأنه ما خاب المتوسل به في قضاء حاجته قط، وكانت له كرامات ظاهرة، ومناقب باهرة”(11).
أما محمود بن وهيب القراغولي الحنفي – من أهل بغداد – فكتب: “موسى بن جعفر وارث أبيه علما ومعرفة، وكمالا وفضلا، سمي بالكاظم لكظمه الغيظ، وكثرة تجاوزه وحلمه، وكان معروفا عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله، وكان أعبد أهل زمانه، وأعلمهم وأسخاهم”(12).
هذا ما وجدناه من أقوال لعلماء السنة، أما علماء الشيعة فنذكر منهم:
وقد كتب العلامة المجلسي في كتابه “بحار الأنوار” نقلا عن ابن شهر اشوب قوله: “…ودفن ببغداد بالجانب الغربي في المقبرة المعروفة بمقابر قريش من باب التين، فصارت باب الحوائج، وعاش أربعا وخمسين سنة”(13).
كما ذكر المؤرخ الكبير محسن الأمين في كتابه “أعيان الشيعة” عنه (ع): “ودفن ببغداد في الجانب الغربي في المقبرة المعروفة بمقابر قريش من باب التبن فصار يعرف بعد دفنه بباب الحوائج”(14).
ولقد تسالم عموم الشيعة على أن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) هو باب الحوائج إلى الله، وسبيل المتوسلين إليه.
وقد ذكر كثير من الشعراء الإمام الكاظم بهذه الصفة “باب الحوائج” منهم:
الشاعر المؤرخ عبد الباقي العمري المعروف في قصيدته عن الإمام الكاظم (ع) (15) جاء فيها:
لا تلمني على وقوفي ببابٍ
تتمنّى الأملاك فيه وقوفي
هو باب مجرّب ذو خواصٍ
كان منها إغاثة الملهوفِ
ملجأ العاجزين كهف اليتامى
مروة المرملين مأوى الضيوفِ
ويقول السيد صالح القزويني(16) في قصيدة جاء فيها:
اعطف على الكرخ من بغداد وابكِ بها كـــــنزاً لعـــلم رســــول الله مخـــزونا
مـــوسى بـــن جعفر سر الله والعلم الــ مبين فـــــي الـدين مفروضاً ومسنونا
بـــاب الحــــوائج عــند الله والسبب الــ موصـــول بــــالله غـــوث المستغيثينا
وهناك الشاعر الشيخ أبو الفضل الطهراني(17) نظم أبيات جاء فيها:
مولاي يا باب الحوائج إنني بك لائذ وإلى جنابك أرتجي
لا أرتجي أحدا سواك لحاجتي أحدا سواك لحاجتي لا أرتجي
ولعميد المنبر الحسيني الشيخ أحمد الوائلي قصيدة في مدح الإمام الكاظم (ع)(18) أنشأها إثر شفاء عين ابنته بعد التوسل به والتي عجز الأطباء عن إعادة النور إليها، فقال:
لقدسك يا باب الحوائج باب جثت حوله للطالبين رغاب
على جانبيه من رؤاك جلال وكل فناء للمهاب مهاب
إذا رد في باب لغيرك مطلب ففي باب موسى لا يرد طلاب
منابع رياً عند باب ابن جعفر تفيض عطاءاً للذين أنابوا
وكتب الشيخ محمد طه الحويزي أبيات(19) جاء فيها:
فاذا دهتك ملمة أغوتك عن باب الرشاد
بادر إلى باب الحوائج أو إلى باب المراد
ورثى الشيخ محسن أبو الحب الإمام (ع) في ديوانه بقصيدة(20) جاء فيها:
موسى بن جعفر والجواد الطيب الزاكي الجدود
باب الحوائج والتقى ومن هما سر الوجود
كما أنشد السيد محمد مهدي بحر العلوم قائلا:
يا سَمِيَّ الكليم جئتك أسعى والهوى مركبي وحُبُّك زادي
مسَّني الضرُّ وانتحى بي فقري نحو مغناك قاصداً من بلادي
ليس تقضى لنا الحوائج إلا عند باب الحوائج المعتاد
عند بحر الندى ابن جعفر موسى عند باب الرجاء جدِّ الجواد
ويتبين مما تقدم أن الإمام الكاظم (ع) هو محل إجماع كل المسلمين سنة وشيعة، بأنه “باب الحوائج” إلى الله. وقد دلت التجارب والكرامات الكثيرة على ذلك، فضلا عن أقوال كبار علماء المسلمين، وقصائد أعلام شعرائهم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وفاء حريري

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/04/01



كتابة تعليق لموضوع : هل صفة “باب الحوائج” للإمام الكاظم (ع) سنية أم شيعية؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net