#سلسلة_الحجج الحلقة الخامسة ( تنبيهات في حُجيّة العقل )
ابو تراب مولاي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ابو تراب مولاي

التنبيه الأول :
إنّ إثبات حاجتنا إلى الدين تتوقّف على حُجيّة العقل ، فلولا حكم العقل بالحاجة إلى الدين لا يمكن إثبات ذلك من خلال النصوص الدينيّة لأن ذلك يعني الدور ، كالشخص الذي يشهد لنفسهِ بالصدق !! وهو ليس بحُجّة .
فمَن يرى - ولو فرضاً - عدم حُجيّة العقل بالمطلق ستواجهه هذه المشكلة التي لا حلّ لها ! .
التنبيه الثاني :
لا يمكن المعارضة بين الأحكام العقلية القطعية والنصوص الشرعية الصحيحة ، كوننا نؤمن بأنّ تلك النصوص صادرة عن الخالق العظيم أو من المعصوم (ع) وكلامهما لا يخالف الواقع قطعاً ، وعليه فليس بالإمكان تعارضها مع حكم العقل الصحيح .
التنبيه الثالث :
لو فرضنا التعارض بين النص الشرعي وحكم العقل ، فعندنا حالتان :
أ - تعارض العقل مع نص الكتاب الكريم ، وعندها يكشف عن عدم نضوج الحكم العقلي .
ب - تعارض العقل مع ظاهر الكتاب العزيز ، عندها يكشف عن عدم نضوج الحكم العقلي أو عدم نضوج فهمنا للنص القرآني .
ج - تعارض العقل مع النصوص الشرعية الحديثيّة ، وعندها يكشف عن عدم نضوج الحكم العقلي ، أو عدم صحة النقل ، أو عدم صحة فهمنا للنص .
التنبيه الرابع :
لا يصح الخلط بين نتائج العلوم ، والقفز على بعض المقدمات لصالح نتائج معيّنة غير منسجمة مع تلك العلوم ، فليس من الصحيح استخدام مقدمات العلوم الطبيعيّة - مثلاً - للقفز إلى استحصال نتائج في عالَم المجرّدات !! وهذا خطأٌ منهجيٌ كبير قد وقع فيه الكثير من علماء الطبيعة كستيفن ويليام هوكينج ، حيثُ حاول أن يسخّر الدراسات الفيزيائية ( التي نسمّيها الفلسفة الثانية والتي تختص بدراسة المادة والطاقة والتحليل العام للطبيعة ، بهدف فهم كيفية عمل الكون ) لاستحصال نتائج لما وراء المادة والطبيعة ! مع أنّ ذلك من اختصاص فلسفة الوجود ( الفلسفة الأُولى ) وهذا الإقحام من دون توسّط مقدمات توصله إلى النتائج المُرادة ، يعدّ خطأً منهجياً أوصله - بالتالي - إلى الإلحاد ! هذا لو فرضنا أنّه كان باحثاً منصفاً عن الحقيقة في هذا الشأن .
نعم ... يمكن الاستفادة من الدراسات التجريبية وغيرها لاستحصال نتائج في عالَم آخر ( كعالَم المجرّدات ) إذا توسّطت مقدمات أُخرى تنسجم مع النتائج المرادة .
مثلاً .. يمكن اعتماد اكتشافات علمية في تعقيدات الكون في الاستدلال على وجود الخالق ، ولكن بتوسّط مقدمةٍ عقلية وهي : إنّ هذا التعقيد والتنظيم لا يمكن أن يوجد مصادفةً ، وبذلك نحصل على نتيجة ضرورة وجود خالق .
التنبيه الخامس :
يقسّم العقل - باعتبار تنوّع أحكامه - إلى قسمين :
أ - العقل النظري : وهو ما يُعبّر عنه بما ينبغي أن يُعلَم . أي ليس في هذا الحكم جنبة عَمَليّة ، كحكم العقل بأنّ النقيضين لا يجتمعان .
ب . العقل العَمَلي : وهو ما يُعبّر عنه بما ينبغي أن يُعمَل . أي أنّ هذا الحكم فيه جنبة عَمَليّة ، كحكم العقل بلزوم دفع الضرر .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat