منتخب روسيا في دوامة «مزاعم التنشّط»... والتأهل بأي ثمن
25 كيلومتراً هي المسافة التي ركضها اللاعب الروسي ألكسندر غولوفين خلال مباراتيْ منتخب بلاده أمام السعودية ومصر، ضمن الدور الأول من مونديال كرة القدم.
مسافة استثنائية ومجهود خارق قياساً بما ظهر عليه الطرفان المنافسان في المباراتين، ما أثار شكوك مراقبين يترصدون الأداء البدني الروسي، خصوصاً أن المنتخب كان يعيش تحت ضغط عدم ثقة أنصاره به قبل انطلاق كأس العالم، في ظل نتائجه المتواضعة حتى في المباريات الاستعدادية التي لم يفُز في أيٍ منها، فضلاً عن تصنيفه المتأخّر (الـ67 عالمياً).
وكانت قناة تلفزيونية ألمانية كشفت الأسبوع الماضي وجود فضيحة منشطات في صفوف الـ»سبورنايا»، إذ أكّدت أن لاعبين يخضعون لنظام تنشُّط دقيق تحت إشراف الاستخبارات الروسية، بعدما ضمنوا تأهلهم إلى الدور الثاني من المسابقة، وكأن «أمثولة سوتشي 2014» وتبعاتها لم تُستوعب جيداً.
وعزز هذه الشكوك تناولُ الموضوع في وسائل إعلام بريطانية، منها «ذي مايل أون صاندي»، مشيرة إلى تعاطي بعض لاعبي منتخب روسيا منشطات، وذلك قبل أن «يتصدّى» الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» رافضاً هذه «المزاعم»، ومكرراً أنه «لا يوجد دليل كافٍ على انتهاك أي لاعب لقواعد مكافحة المنشطات». وذكّر بأن «التحقيق الذي فُتح ضد لاعبين ضمن التشكيلة المبدئية الشهر الماضي، أُغلق بعد فحص الأدلّة الممكنة، ولم ندخر جهداً في سبيل ذلك».
اللافت أن العودة إلى «نغمة المنشطات» قد تُبدد «الصورة الزاهية» غير المتوقّعة التي كوّنها صاحب الأرض، وعكست مجريات فوزيْه على السعودية (5 – صفر) ومصر (3 – 1)، فأنسَت الروس إلى حين الأوضاع الاقتصادية القاسية، وحرَفت أنظارهم عن قرارات حكومية حساسة، منها رفع ضريبة القيمة المضافة تحت صخب المونديال.
وقبل أيام، حضر نائب رئيس الوزراء لشؤون الإعمار فيتالي موتكو جانباً من حصة تدريب للمنتخب في معسكره قبل توجهه إلى سامارا للقاء أوروغواي. والمعروف أن موتكو كان مكلّفاً ملف الرياضة بكامله في روسيا، وأُوقف دولياً وتخلّى عن معظم مهامه الرياضية، خصوصاً في مجال كرة القدم، بطلب من الرئيس فلاديمير بوتين، في ضوء الاتهامات الخارجية بضلوعه المباشر في ملف المنشطات.
وما أن أُعلن خبر زيارته ومؤازرته أفراد المنتخب جهاراً، حتى عاد الحديث عن «القوة الخارقة» والكيلومترات المجتازة (118 كيلومتراً أمام السعودية، و115 كيلومتراً أمام مصر)، والانطلاقات الفائقة السرعة التي بلغ عددها 412 انطلاقة في المباراتين. كما تجدد الحديث عن «سر التنشّط» الذي كان فضحه مدير مختبر مكافحة المنشطات في موسكو غريغوري رودتشنكوف، اللاجئ هرباً إلى الولايات المتحدة، ومن ضمن فصوله فقرات تتعلّق بـ»سبورنايا» وتناول اللاعب روسلان كامبولوف (مدافع فريق روبن كازان) مادة «دكساميتثزون» المضادة للالتهابات.
وأورد الصحافي البريطاني نِك هاريس في تقرير أن ضابط الاستخبارات عينه، يفغيني بلوخين، الذي بدّل في عينات بول الرياضيين الروس خلال ألعاب سوتشي لتضليل مسؤولي اختبارات الكشف عن المنشطات، تولّى «تنظيف» كامبولوف، الذي استُبعد لاحقاً من اللائحة النهائية للمنتخب بداعي الاصابة، وأن «فيفا» على علم بالأمر.
من جانبه، أفاد طبيب المنتخب ادوارد بزوغلوف أن الاتحاد الدولي أجرى 120 فحصاً للاعبين، فضلاً عن نحو 200 أخرى أجراها الاتحاد الأوروبي والوكالة الروسية لمكافحة المنشطات. وعزا الحيوية الزائدة عند هؤلاء إلى «الحافز الكبير لخوضهم المونديال على أرضهم». كما أن المدرّب ستانيسلاف تشيرتشيسوف أكّد أن لاعبيه يبذلون قصاراهم ليكونوا على قدر الآمال، فضلاً عن العامل النفسي المتأثر باللعب وسط جمهورهم، علماً أنه سبق أن أُعلن أنه ليس طبيباً، وبالتالي لا يستطيع تفسير «هذه اللياقة البدنية المتأججة». ويحمل المنتخب إرث المدرسة السوفياتية في الإعداد، والتي تركّز في الألعاب الجماعية على عاملي اللياقة وقوة التحمّل. كما أنه أُخضع لبرنامج تحضير مكثّف في النمسا في الأيام العشر الأخيرة من أيار (مايو) الماضي. ووَضع أفراده نصب أعينهم تخطّي الدور الأول في المونديال. فهذا رهان رئيس، وبعده لكل حادث حديث. ولكن، هل أعدّ بلوغه وفق مقولة «مهما يكن الثمن؟».
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat