صفحة الكاتب : ولاء الصفار

المرجعية العليا تحذر من رذائل الاخلاق وتدعو الى ضرورة الوعي الحضاري وتجنب الاخلال بالانظمة العامة للمجتمع
ولاء الصفار

تناول ممثل المرجعية الدينية العليا، في خطبة الجمعة، بيان مقومات التشيع الصحيح والانتماء الصادق لاهل البيت عليهم السلام، مبينا ان هنالك مجموعة من الصفات ان توفرت يمكن من خلالها القول بان هذا الشخص تشيعه صحيح وانه صادق الانتماء والولاء لاهل البيت عليهم السلام.
وحذر الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة من الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (1 /6 /2018)، من المهلكات التي تتجسد في رذائل الاخلاق، مستدركا ان تلك المهلكات تختلف فيما بينها بمراتب شدتها وخطورتها اذ ان بعضها مهلك للفرد والامم والشعوب فحذرت منه الايات القرانية والاحاديث الشريفة تحذيرا شديدا.
وقال الكربلائي اننا حينما ندرس ونتمعن ونتأمل في كيفية تعامل الافراد والشعوب والامم مع حركة الانبياء الاصلاحية نجد ان بعض الرذائل والصفات النفسانية هي التي ادت الى ذلك التعامل الذي يصد مع الحق في دعوة الانبياء، وادت بالنتيجة الى هلاك تلك الامم وانزال العقوبات الالهية الشديدة.
واضاف ان من الضروري التأمل في الايات القرانية وقصص الامم السابقة في كيفية تعاملها مع دعوة الحق والمصلحين ومعرفة النتائج ليؤخذ منها الدروس والعبر حتى لايتم الوقوع فيها، موضحا ان البعض من امهات تلك الصفات التي تتمثل بالتكبر والحسد والعجب والغرور والاسراف والتبذير كانت السبب لهذا التعامل الذي ادى الى عمى البصائر والقلوب، مشيرا الى ان هذه الرذائل وهذه الجذور تعامل بها البعض مع ائمة الحق خصوصا ممن كانت له مكانة في المجتمع لسلطة او مال او لوجاهة، منوها ان من نتائج تلك الصفات انها تعمي البصيرة والقلب وتصم الاذان والاسماع عن قبول الحق والاذعان له وتؤدي بالانسان نفسه للصد عن اتباع الحق من جهة وصد الاخرين ايضا عن ذلك.
وتابع ان هذه الصفات قد تؤدي بالانسان احيانا ان يكيد ويمكر ويتآمر على ائمة الاصلاح من الانبياء والائمة عليهم السلام، مما يؤدي بهم للتنكيل والتشريد والسجن والقتل، مشيرا الى ان الكثير من الايات القرانية وقصص التاريخ بينت كيفية تعامل هذه المجموعة مع ائمة الاصلاح، مستشهدا بقوله تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً).
وأكد الشيخ الكربلائي ان الحسد هو الذي يدفع بهؤلاء للتعامل مع قادة الاصلاح بهذا التعامل، من خلال تسقيط شخصيتهم لينفر منهم المجتمع ونشر الامور التي فيها بهت وكذب وافتراء على هؤلاء القادة، فضلا عن اتباع اساليب اخرى كالسجن والتشريد والتجويع وغير ذلك من الاساليب التي تصد عن اتباع الحق.
واردف ان (التكبر) يجعل الانسان احياناً يتعالى ويتعجرف ويتكبر عن قبول الحق وعدم التعامل مع الرجل الحق.
واشار الكربلائي الى ان هذه الصفات ليست من الصفات التي دأب الائمة على تربية اتباعهم بل عملوا على ان يروّضوا اتباعهم على تنقية نفوسهم وقلوبهم من هذه الرذائل، وانها من صفات اعداء اهل البيت عليهم السلام.
واستعرض الكربلائي قصة (قابيل وهابيل) اذ انهم اخوة واولاد نبي احدهم قتل الاخر، مبينا انه في بعض الاحيان يجد انسان ان هنالك شخص آخر افضل منه علماً واكثر كفاءة في المجتمع وأرفع محبة في قلوب الناس فتجده لا يتحمل ذلك فيحسده ويصل به الحسد ان يكيد له ويسقّط شخصيته الاجتماعية وان يفعل له شيئاً آخر وربما يؤدي الى القتل، موضحا ان هذا الامر يحدث تارة بين شخص عادي وشخص عادي، وتارة بين شخص صاحب علم وشخص اخر صاحب علم، وتارة بين كيان اجتماعي وكيان اجتماعي اخر، وتارة بين كيان ديني وكيان ديني آخر، وتارة بين كيان سياسي وكيان سياسي آخر، وتارة بين عشيرة وعشيرة اخرى على مستويات متعددة.
وبين ممثل المرجعية الدينية العليا ان اشدّها خطراً ما يكون عند اهل العلم والرئاسة، داعيا الى ضرورة الالتفات الى تروّيض النفس على تنقية القلب وتطهيره من الحسد والتكبر والحقد.
واوضح ان الانسان المؤمن الصائم ليس فقط يصلي ويصوم ويقرأ الادعية الكثيرة وان كانت امور وصفات مطلوبة جداً الا ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما ابتدأ في خطبته وبين فضيلة هذا الشهر اشار في بداية الخطبة (فاسألوا الله ربكم بنيّات صادقة وقلوب طاهرة)، مبينا ان القلب الطاهر من الحسد والغل والتكبر والحقد للاخرين يمثل المفتاح للتوفيق الحقيقي للصائم.
وحث الشيخ عبد المهدي الكربلائي على ضرورة الوعي الحضاري وتجنب الاخلال بالانظمة العامة للمجتمع التي يقصد بها القوانين والتعليمات المشرعة للحفاظ على المصالح العامة للمجتمع وحفظ حقوق افراده بحيث لا يحصل التعدي عليها وتسيير شؤون الحياة المختلفة بصورة منتظمة بحيث لا يسودها الفوضى وفي نفس الوقت دفع المضار والمفاسد عنهم في جوانب الحياة المختلفة سواء الاقتصادية او المعيشية او الاجتماعية وغيرها، مشيرا الى ان مسألة حفظ النظام من الامور العقلية التي يدركها الانسان بفطرته لأنه يرى فيها حفظ مصالحه ومصالح الاخرين والتي تتوقف عليها انتظام مسار الحياة بصورة عامة ويحتاج اليها في معاشه وحياته، مستدركا ان سيرة العقلاء متفقة على ان حفظ النظام من الامور الضرورية للحياة ومناطه حفظ مصالح الناس بحيث لايوجد مجتمع من الناس مهما كان صغيراً الا ويرى ضرورة ذلك وهم يوجهون اللوم والعتاب بل والعقاب لكل من يخالفه ويسبب الفوضى والضرر والاذى بسبب ذلك.
واوضح ان الاسلام حث حثاً شديداً على ذلك ويكفي ان الكون لا تتسق اموره ولا تؤدي الاغراض من خلقه لولا جريانه على نظام متقن وموحد لا يختلف في زمن من الازمان.
وبين ان احد الاسباب التي ادت الى تقدّم بعض المجتمعات تتمثل بحفاظهم والتزامهم الشديد بتطبيق الانظمة العامة، مبينا اننا نعيش في وسطهم ووسائل اطلاعهم على احوالنا واوضاعنا متيسّرة وهم يحكمون علينا كمسلمين ونظرتهم الى الاسلام متوقفة على مدى تطبيقنا لهذه الانظمة العامة فحسن السمعة لنا عندهم او شناعة السمعة انما تتوقف على نظرتهم الينا وتقييمهم لنا في هذا الجانب فإذا ما رأوا الفوضى في حياتنا وعدم الاحترام من قبلنا للانظمة العامة حكموا علينا بالجهل والتخلف والفوضوية وكان ذلك سبباً لنفورهم منّا وعدم احترامهم لنا.
واكد على ضرورة الوعي الحضاري الذي يستلزم مجموعة من المقومات التي تجلب الاحترام والتقدير والنظرة الطيبة للاسلام من خلال المحافظة والالتزام العملي بهذه الانظمة، مبينا ان الائمة عليهم السلام حثوا شيعتهم بشكل خاص على ان يتجنبوا كل ما يكون سبباً للتشنيع عليهم من خلال هذه الفوضوية، اذ ورد عن الامام الكاظم (عليه السلام) : (كونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، حببونا الى الناس ولا تبغضونا، جرّوا الينا كل مودة، وادفعوا عنا كل قبيح، وما قيل فينا من خير فنحن اهله، وما قيل فينا من شر فما نحن كذلك والحمد لله رب العالمين).
واردف ان من مصاديق الحفاظ على الانظمة العامة يتمثل بالحفاظ على تعليمات السلامة المرورية وتطبيقها وحسن استخدام الطرق وكف الاذى عنها، موضحا انه عند متابعة احصائية القتلى والجرحى بسبب عدم الالتزام بالانظمة المرورية فانها تعادل احصائية الموتى من امراض مستعصية ومزمنة.
كما دعا الشيخ الكربلاي الى ضرورة الحفاظ على نظافة البيئة والنظافة كنظافة الشوارع والاسواق والمدارس والدوائر والاماكن العامة لان ما يشاهد اليوم في الشوارع والاسواق وفي اماكن كثيرة من عدم الالتزام بالنظافة يتنافى تماماً مع الاخلاق والمبادئ والالتزام الصادق بمنهج اهل البيت عليهم السلام ومنهج الاسلام.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ولاء الصفار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/06/01


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • الدلالة والرسالة في بث مقطع فيديوي للقاء المرجع الاعلى بالشيخ الكربلائي  (قضية راي عام )

    • هذا ماقدمته العتبة الحسينية المقدسة خلال جائحة كورونا للفترة من 24-2-2020 ولغاية 24-7-2020  (أخبار وتقارير)

    • يقولون الشيعة قتلوا الحسين.. والشيعة يبكونه  (المقالات)

    • شيخ تونسي يعتذر من العراقيين عن انخراط بعض شباب بلده بصفوف داعش ويؤكد بان شعبه مدين للعراق  (أخبار وتقارير)

    • داعش تلقي اسلحتها وتنسحب نحو الموصل و الحشد الشعبي يسيطر على مواقع مهمة في تكريت  (أخبار وتقارير)



كتابة تعليق لموضوع : المرجعية العليا تحذر من رذائل الاخلاق وتدعو الى ضرورة الوعي الحضاري وتجنب الاخلال بالانظمة العامة للمجتمع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net