صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

حالات تتوالد وأخرى تترافد!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الواقع العربي تتوالد فيه الحالات من رحم ذاتها , فالحرب تلد حربا , والويلة تلد ويلات , والعداوة تلد عدوانا , والفئات بأنواعها تلد فئويات , ولا يمكن لحالة إلا أن تكون أميبية الطباع في تكاثرها وتأثيرها الوبائي في المجتمع.

وفي المجتمع العراقي الحالة تدور في دائرة مفرغة منذ سقوط الملكية وحتى اليوم , وكل ظاهرة مسلحة بمسمياتها تفتك بالبلاد والعباد , وتسفك الدماء وتقترف الجرائم والآثام والخطايا , وتمعن في الحماقات وصناعة الويلات , حتى تنتهي وتحل محلها موجة أخرى بإسم آخر , لكن غايتها واحدة وخلاصتها سفك الدماء ونسف القانون , والتحول إلى وجود متوحش مفترس لا يحترم أي قيمة أو معيار , وإنما يكون القتل  والخطف والتعذيب هو القانون.

وعندما تكون السلطة بندقية , والقانون رصاص , يكون من الصعب على أي مجتمع أن يؤسس لمسيرة ذات قيمة معاصرة , تسعى لبناء دولة وإقامة نظام حكم يحترم حقوق الإنسان ويترجم إرادة الفضيلة والخير , لأن الشر هو السائد والمتحكم بالحياة , والمؤثر بصيروراتها المتنوعة ذات التطلعات الماحقة , لما هو إيجابي وقادر على الخطو نحو الأفضل.

فالحديث عن إنتهاء حالة قائمة وفاعلة في المجتمع يبدو ضربا من الخيال , ومنطلقا لصراعات جديدة وتداعيات مريرة , فالواقع الذي أوجد أية حالة عليه أن يبقى ويتأجج لكي تبقى تلك الحالة وتتطور , وتمضي في دروب الصولات الدامية الحامية المدمرة للوجود المادي والمعنوي للبشر , في بقعة تمددها وتأسدها وتسلطها على مقدرات العباد والبلاد.

فكل حالة تريد أن تعمل وتحقق مكاسبها , ولا بد لها من مبررات وجود وأسواق تروّج فيها بضائعها , ولهذا فأنها عندما تواجه تحديا يهدد مصيرها فأنها تسعى لتفعيل أسواقها , وصناعة الواقع الذي أوجدها أول مرة , وهذا يعني أن المجتنمع يدخل في متوالية أحداث تؤمّن مصالح الحالة , وتمدها بعزيمة التنامي والتطور والإنقضاض على الآخرين للحفاظ على أهدافها وإطالة عمرها إلى أقصى ما يمكن.

ولكل حالة عمرها ومصيرها المحتوم , لكن المجتمعات تبتلى بحكومات لا تعي هذه البديهية , وتمضي في مقاومتها والهجوم عليها , وبذلك تحقق فواجع وفظائع , وتنتهي إلى صيرورات ذات مرارات متراكمات وتفاعلات إنتقامية سوداء , تزيد في دوران الأحداث في دائرتها المفرغة التي لا تعرف التوقف أو التنازل عن مسارها السقيم.

فهل من قدرة على التفاعل الحكيم , والخروج من مهاوي الإضطراب الإنفعالي العقيم؟!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/16



كتابة تعليق لموضوع : حالات تتوالد وأخرى تترافد!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net