السيد السيستاني كان ولا زال ضمانة لامن واستقرار العراق ووحدة اراضيه
فتوى السيد السيستاني أنقذت العراق من السقوط في حضن تنظیم داعش الارهابی التکفیری.
منذ اصدار فتوى "الجهاد الكفائي" في حزيران العام الماضي والى هذا اليوم، والمتآمرون على العراق وكذلك الذين لا تستهويهم عملية التغيير الواسعة والتي بدأت بإطاحة الصنم، ينالون بمناسبة أو من دون مناسبة من المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد علي السيستاني، وكلٌ حسب موقعه، قد جنّد نفسه للاطاحة والانقلاب على ما جرى.
ومن بين هؤلاء من سخّر قلمه للطعن بكل ما يتعلق بعملية التغيير والدفاع عن الظلاميين وعن النظام السابق، بنفس طائفي، ولو كان بوسعه ابادة الشيعة من وجه الكرة الأرضية لما تردد لحظة واحدة، ويمكننا أن نلمس دعوات القتل وحز الرؤوس وحرق الأجساد من كل كلمة يكتبها هؤلاء، وكل كلمة يتفوهون بها في وسائل الاعلام.
المقال الذي كتبه الوهابي السعودي، مهنا الجبيل "فتاوى مراجع ايران كجرائم حرب" كسائر مقالاته التي يكتبها بشأن العراق وعملية التغيير، لا تخرج عن اطار النفس الطائفي، وبالتحديد النيل من تعاليم وعقائد الشيعة، وفي مقدمتها احترام مراجعهم والالتزام بفتاويهم، وبما أن فتوى المرجع السيستاني أضرمت النار في نفوس الطائفيين، لذلك فانهم يبرزون أحقادهم من خلال النيل من هذه الفتوى، ففي مطلع مقاله ركز على أصول المرجع السيستاني الايرانية، ظنا منه أن ذلك منقصة فيه وفي مذهب التشيع ولا يدري أنه امتدح الشيعة بصورة غير مباشرة، فالمذهب الذي يختار انسانا لكفاءاته وصفاته المتميزة وليس لقوميته، فان مثل هذا المذهب "جدير بالاحترام".
ثم أن الجبيل صب جام غضبه على فتوى الجهاد الكفائي للسيد السيستاني، والتي بلورها العراقيون، على شكل تشكيل قوات الحشد الشعبي، فيا ترى هل الفتوى وتشكيل الحشد الشعبي، فعل أو نتيجة، ولا نعتقد أن هناك شخص في العالم يقول أن الفتوى وتشكيل الحشد الشعبي فعل، وانما أصدر السيد السيستاني الفتوى وعلى أساسها تأسس الحشد الشعبي، نتيجة اجتياح داعش للاراضي العراقية وسيطرته على احدى أكبر محافظات العراق، فهل كان يطمح الجبيل أن يواصل داعش زحفه على سائر المدن العراقية دون أن يكون لدى العراقيين أي رد فعل عليه؟
ولو أردنا استعراض المقال، لرأينا أنه مليء بالافتراءات والمغالطات، فيتكلم عن قضية الحجز والتهجير والتغيير الديموغرافي وتناسى أن أول المدن التي احتضنت المهجرين من المناطق السنية وقدمت لهم المساعدات هي كافة المناطق الشيعية وفي طليعتها النجف وكربلاء، فهذا طريق (المشاية) بين النجف وكربلاء شاهد على ذلك فقد غصّت الحسينيات والمواكب التي أنشئت على طول الطريق بالنازحين، وكان أصحاب المواكب والحسينيات يقدمون حتى الملابس للنازحين فضلا عن المواد الغذائية ومستلزمات الاقامة، بل أن بعضهم قام بتشغيل أبناء النازحين في أعمالهم التجارية، ولا تزال المدن الشيعية تحتضن النازحين وتقدم لهم المأوى والطعام.
لو كان الجبيل وغيره حريصا على "اهل السنة" في العراق لطلب من تلك المنظمات في دول الخليج التي تسمي نفسها بالجمعيات الخيرية زورا وبهتانا، أن تكف عن اغداق الأموال على داعش والقاعدة، لتطلب بدورها من داعش وقف العدوان على مناطق السنة، لا أن يهاجم الشيعة وقوات الحشد الشعبي والسيد السيستاني، فجريمة هؤلاء حسب نظر الحبيل أنهم تصدوا لاجرام داعش.
ويبدو ان الجبيل منزعج من المساعي التي بذلتها بعض الأوساط السياسية لترشيح السيد السيستاني للفوز بجائزة نوبل للسلام، وكانت الأمور تسير بهذا الاتجاه ولولا ان سماحته رفض ذلك لكان هو الفائز بجائزة عام 2014 من دون منازع، بينما الجبيل يدعو الى غير ذلك، ويعتبر أن المسبب الرئيسي لما حدث في العراق هي الفتوى والحشد الشعبي وليس داعش وافكاره الظلامية.
فتوى السيد السيستاني أنقذت العراق من السقوط في حضن داعش وحسب زعيم "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، مسعود برزاني، في مقابلة مع صحيفة "الحياة"، فإن "نداء آية الله علي السيستاني الى التطوع للقتال ضد داعش كان له تأثير كبير، وكان الجيش على وشك أن ينهار بكامله".
أما مبعوث الأمم المتحدة السابق الى العراق ووزير الثقافة اللبناني السابق غسان سلامة، فيقول في مقابلة تلفزيونية عن السيد السيستاني، بأنه" شخصية حكيمة وواقعية ويتابع الامور بدقة، وهذا لا يعني ان لديه سيطرة على الناس الذين يتبعوه وحسب، بل له سلطة معنوية كبيرة جداً".
ويعتقد الجبيل أن فتوى السيستاني أجّجت الاحتقان الطائفي في العراق والمنطقة بينما الكثير من السياسيين العراقيين يعتقدون أن فتوى سماحته وحّدت العراقيين نحو عدو مشترك، فهذا البرلماني العراقي عدنان الدبوس يقول ان "العراق يمر بمرحلة خطيرة متمثلة بعصابات داعش الارهابية والقوات الامنية استطاعت ان تقوض هذه العصابات وقد انتقلنا الآن من مرحلة الدفاع الى الهجوم ويجب ان نفتخر بذلك والفضل يعود بذلك الى الفتوى التي اصدرها المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني التي جعلت ابناء الشعب العراقي يهرعون للقتال لمساندة القوات الأمنية".
وأعتبر الخبير اللبناني في شؤون الشرق الأوسط حكم أمهز في حديث أن "التحريض المذهبي والطائفي منشأه السعودية ومنابرها واعلامها"، وقال "اتحدى ان يأتي احد بخطاب تحريضي فتنوي صادر عن مراجع ايران او العراق او لبنان".
وتابع قائلا "مراجع العراق وعلى رأسهم السيد السيستاني كانوا ولا زالوا ضمانة لامن واستقرار العراق ووحدة اراضيه، بدليل ان فتوى الجهاد الكفائي ضد داعش للسيد السيستاني جهزت عشرات الالاف من المقاتلين ضد داعش".
من جانبه اعتبر استاذ الحوزة العلمية والبحث العراقي حجة الاسلام والمسلمين الشيخ عبد الحسين الفراتي، في حديثه ان "المقال يعرض حالة نفسية امتعاضية للكاتب نتيجة الاستعدادات الجماهيرية الواسعة والارادة العراقية لتحرير ارضهم، فالعراقيون ومراجعهم يحق لهم ان يحروا ارضهم سواء صمت الغرب او نطق، سواء رضيت العربية السعودية ام غضبت عصابات داعش".
وأعرب الشيخ الفراتي عن أسفه "لوصول الاعلام العربي الى مستوى يدين شعب بكامله ويدين علماءه لانهم يسعون الى تحرير اراضيهم من عصابات اجمعت 60 دولة ومن بينها السعودية على محاربتها".
وقال الشيخ الفراتي، ان "الذي يدين فتاوي التحرير لكامل السيادة الوطنية لابد ان يحاكم كمجرم حرب، وليس عظماء العراق الذين حالوا دون اندلاع حرب طائفية كادت أن تنهي المكون السني بكامله في عام 2006".
مشكلة الكاتب السعودي وغيره من أبواق الأنظمة الاستبدادية هو تدخل مراجع الدين في الشؤون السياسية ومثل الجبيل والأنظمة الاستبدادية تريد من عالم الدين أن يكون دمية بأيديهم ويقدم لهم الفتاوى التي تتناسب ومقاسهم، وليس الفتاوى التي تثير الأسئلة حول سياساتهم في ادارة البلاد ونهب الثروات، لذلك فان الجبيل يخشى من انتقال التغيير بما فيه تدخل علماء الدين في السياسة وشؤون البلاد والمجتمع الى بلدانهم لذلك فانهم يحاربون التغيير في مهده ويبذلون ما بوسعهم لإحباطه لكي لا ينتقل اليهم.
النهایة
المصدر: المسلة
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat