دور الأم في التربية في عصر التكنولوجيا
د . بتول عرندس
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . بتول عرندس

اختصاص علم النفس التربوي
علم نفس إعلام
في العصر الرقمي المتسارع، لم تعد الأم فقط مسؤولة عن إشباع حاجات أبنائها النفسية والبيولوجية، بل أصبحت اللاعب الأساسي في صياغة وعيهم الرقمي وتشكيل تصوراتهم عن الذات والعالم. ومع التطور التكنولوجي المستمر، باتت الحاجة ماسّة إلى خطاب تربوي جديد يأخذ بيد الأم من ضيق الأدوار التقليدية إلى سعة الفعل الواعي المتزن في بيئة رقمية معقدة
تشير الدراسات الحديثة في علم النفس التربوي إلى أن استخدام التكنولوجيا في الطفولة المبكرة والمراهقة أصبح جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، وأن تربية الأبناء في هذا السياق لا يمكن أن تتم بمعزل عن هذه الحقيقة. لذلك، يتحول دور الأم إلى دور مزدوج وقائي وتوجيهي في آنٍ معًا
من الناحية الوقائية، تكون الأم مطالبة بفهم البنية السيكولوجية لاستخدام الطفل للتكنولوجيا. ما الذي يجذبه، ما الذي يخيفه، ما الذي يعوّضه. هذا الفهم لا يتحقق من خلال المراقبة الصامتة أو المنع القسري، بل من خلال التواصل النشط الذي يقوم على أسس من الثقة والقبول، لا على التحكم والتهديد
أما من الناحية التوجيهية، فالأم اليوم يجب أن تكون نموذجًا تربويًا رقميًا. لا تكتفي بمنع الاستخدام الخاطئ، بل توظف التكنولوجيا لصالح التربية من خلال انتقاء المحتوى، ومشاركة الأبناء في أنشطة رقمية معرفية، وتوجيههم نحو استخدامات بنّاءة تُنمّي مهاراتهم وتُعزز قيمهم
التربية في عصر التكنولوجيا تتطلب نوعًا من الأمومة المُثقفة الواعية، التي تجمع بين الحس الفطري بالحماية، والخبرة التربوية في إدارة السلوك، والمعرفة الإعلامية في تحليل المحتوى. وما يُضعف فعالية التربية أحيانًا هو اختزال الأم في صورة المراقب أو المُعاقِب، بدل أن تُصاغ كصاحبة مشروع إنساني معرفي سلوكي تنمو معه وتُنمّي أبناءها
في علم النفس التربوي نؤكد أن بناء العلاقة الصحية بين الأم وطفلها في العصر الرقمي هو خط الدفاع الأول ضد الاغتراب، والتنمر الإلكتروني، والاكتئاب الناتج عن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا. وفي الإعلام التربوي نُطالب بتقديم صورة جديدة للأم، ليس كعنصر ضحية للتطور، بل كمُشاركة في صياغة هذا التطور وتوجيهه
المقالة لا تهدف إلى تحميل الأم مزيدًا من الأعباء، بل إلى إعادة تعريف دورها بشكل يليق بمكانتها في الزمن الرقمي. لا كحارسة على حدود الشاشة، بل كمهندسة لوعي الطفل داخله
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat