وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (1)
سهيل عبد الزهره الزبيدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سهيل عبد الزهره الزبيدي

نزلت هذه الآية الكريمة في أول البعثة المباركة، بعدما رموا رسولنا الأعظم (ص) بالجنون، وقد اتهموه في أوائل الدعوة بالسحر والجنون، فهي بيان من الخالق (جل شأنه) على التنزيه، ورد لرميهم له (ص) بالجنون، وتنزيه لشخصه الكريم أي (أن صاحبكم لبث بينكم، ومعاشراً لكم طول عمره، وأنتم أعرف به، وقد وجدتموه على الكمال من العقل، ورزانة من الرأي السديد، وصدق القول، ومن كانت صفاته هذه لا يُرمى بالجنون).
وتوصيف جبرائيل(عليه السلام) بما مر من صفات المدح دون النبي الأكرم(ص) لا دلالة فيه على أفضليته على النبي الأعظم(ص)؛ لأن الكلام مسبوق لبيان القرآن كلام الله (جل وعلا) منزل على الرسول (ص) عن طريق الوحي، لا من أوهام الجنون بإلقاء من الشيطان
اذن، من خلال هذه الأوصاف الحميدة، جاء في القرآن الكريم كثير من الآيات المباركة التي تمجد شخصية الرسول محمد (ص)، وتصفه بصفات لم تصف بها أحداً من الأنبياء والرسل (عليهم السلام) من قبله، وجلّ من قال: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ))(2)، ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا))(3)، ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ))(4)، ((طه {1} مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى))(5)، ((مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ..)(6)، ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ))(7).
ومع هذه الآيات الكريمة التي يتلوها(ص) بمسمع من قريش، لكنهم صكوا آذانهم عن سماعها، واستمروا على عنجهيتهم البائسة، وأخذوا يقذفونه بأقذع الألفاظ النابية، منهم: أبو سفيان قائد المشركين وكبيرهم، وابو جهل الذي ما انفك يوما من شتم النبي الأعظم(ص)، وعمه أبو لهب الذي ما ان سمع بنشر الدعوة المباركة حتى أخذ يحرض على قتله، والقضاء على رسالته السامية، ويدفع لهم الأموال الطائلة، ويصرخ بأعلى صوته قائلاً: (اقتلوا ابن أخي إنه ساحر مجنون.. وأخرى اقتلوا ابن أخي إنه ساحر كذاب.. وثالثة اقتلوا محمدا إنه شاعر).
لكن حاشى لرسولنا الكريم(ص) من هذه الصفات الذميمة والقبيحة، فنزلت بحق أبي لهب سورة المسد المباركة توعده بنار ذات لهب..
كان رسولنا (ص) من خيرة رجالات قريش من كل الأوصاف، حيث كان (ص) يكنى بـ(الصادق الأمين)، ويودعون عنده الأمانات لأمانته، حيث طلب (ص) من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن يرد الأمانات إلى أهلها قبل هجرته المباركة، فلم يتعظوا واستمروا بطغيانهم؛ لأن الاسلام الحنيف جاء ليحرم عليهم عبادة الأصنام، ووأد البنات، وشرب الخمر والزنا، وقتال القبائل بعضها لبعض.. فجاءهم النبي (ص) لينقذهم من تلك الضلالة والأهواء الى قلوب هادية عامرة مفعمة بالحب للخير، وتحقيق عدل الإسلام على تلك البسيطة.. وعز من قال: (وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا)(8)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1- {التكوير/22}
2- {الأحزاب/21}
3- {الجمعة/2}
4- {القلم/4}
5- {طه/2}
6- {الفتح/29}
7- {الأنبياء/107}
8- {آل عمران/103}
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat