التسرب من المدارس، ظاهرة تفاقم النظام التعليمي في العراق.. فهل من حلول؟
يتواصل التسرب من المدارس ليصبح ظاهرة تفاقم وضع النظام التعليمي في العراق حيث يسبب انتشاراً للأمية والجهل في مجتمع أحوج إلى العلم والمعرفة لبناء دولة حديثة تضاهي دول الإقليم مع توفر الإمكانات الاقتصادية لذلك.
وفي تقرير أخير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) كشفت عن وجود 3.2 ملايين طفل عراقي في سن الدراسة خارج المدارس، لكن وزارة التربية شككت في تلك الارقام، مشيرة الى ان «البلاد لم تشهد حتى الآن تعدادا سكانيا».
وأفاد التقرير بأن عقودا من الصراع وغياب الاستثمارات في العراق دمرت نظامه التعليمي الذي كان يُعدّ في ما مضى أفضل نظام تعليمي في المنطقة، وأن ذلك أعاق بشدّة وصول الأطفال إلى التعليم الجيد.
يقول نقيب المعلمين عباس السوداني إن «الوضعين الاقتصادي لبعض الاسر العراقية والأمني الذي مر بالبلاد، أديا الى زج الأطفال في سوق العمل من اجل اعالة عوائلهم ماديا. وبالتالي اجبروا على التسرب من التعليم»، مضيفا أن «البنية التحتية للمدارس وما تشهده من اكتظاظ في اعداد الطلبة وبعد المدارس عن بعض المناطق، أيضا هي عوامل مساعدة على التسرب».
وعن تأثير تسرب الأطفال في التعليم، يبين السوداني، انه يساهم في زيادة نسب الامية في البلاد، وهذه ظاهرة يعاني منها العراق ولم تعالج الى الان، مشيرا الى انه «بالرغم من وجود مقترحات لمعالجة هذه الظاهرة، لكن الحكومة لم تتعامل بجدية معها حتى الان».
ويضيف أن «مشكلة الامية تحتاج الى تخصيصات مالية، ووزارة التربية لا تملك أموالا كافية ضمن ميزانيتها من شأنها ان تحل المشكلة التي بدأت تأخذ مدى واسعا».
ودعا السوداني الى تطبيق قانون رقم ٣ لعام ٢٠١٣ الخاص بمنحة الطلبة، والذي طبق جزء منه، موضحا أن المنحة المالية من شأنها مساعدة الاسر الفقيرة على تحمل بعض الاعباء».
كما شدد على ضرورة تطبيق قانون الزامية التعليم، وهو نافذ المفعول، لكنه يحتاج الى تفعيل.
يقول الحقوقي مصطفى البياتي، إن «الدستور العراقي نص بشكل واضح على حماية الطفولة وتكفل الدولة بالتعليم ومحو الأمية»، مؤكدا أن قانون العمل يمنع عمل الأطفال دون سن 18 عاما.
ويضيف، أن «آلاف الأطفال يشتغلون في سوق العمل»، لافتا الى ان هناك مشكلة في تطبيق النصوص القانونية.
أسباب التسرب
ويتفاوت حجم التسرب في المدارس، لكن نسبها تزيد في المناطق النائية والريفية، وذلك لعدة أسباب منها الأفكار التقليدية بتلك المناطق حيث يتم تزويج الفتيات وهن قاصرات، وبالتالي تسربهن من المدارس، بالإضافة الى تهالك البنية التحتية ونقص الابنية وبعدها عن مناطقهم، بحسب البياتي.
وعن التداعيات السلبية لتسرب الأطفال من التعليم، يذكر البياتي انه «يزيد من حجم الأمية والبطالة ويضعف البنية الاقتصادية الإنتاجية، كما يزيد من حجم المشكلات الاجتماعية كالسرقة والاعتداء على الآخرين وممتلكاتهم، كما يؤدي الى تحول اهتمام المجتمع من البناء والإعمار إلى الاهتمام بمراكز الإصلاح والعلاج والإرشاد، والى زيادة عدد السجون والمستشفيات ونفقاتها، بالإضافة إلى استمرار الجهل والتخلف وكثرة الزواج المبكر».
وتتحدث التدريسية نور الخفاجي عن أسباب أخرى تساهم في ارتفاع نسب التسرب بين الطلاب؛ اذ تقول إن «ارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء أسعار المستلزمات الدراسية، ونقص الكوادر التدريسية ووجود فساد وسوء إدارة في دوائر التربية، كلها عوامل تساعد على تسرب التلاميذ والطلبة من المدارس».
وتدعو الخفاجي الى ضرورة «تفعيل دور المرشد التربوي في مساعدة الطلبة على حل مشكلاتهم التربوية وغيرها، بالتعاون مع الجهاز التعليمي في المدرسة واولياء الامور».
وتؤكد، إن «التسرب المدرسي يظهر بشكل واضح في مناطق القرى والأرياف التي تعاني بصورة أشد، نظرا لقلة عدد الملاكات التربوية وعدم وجود مدارس كافية وقلة الوعي وتعاظم نسب الفقر»، منوهة بأن كثيرا من الابنية المدرسية لا تصلح للدراسة والتعلم.
وحذر البنك الدولي في وقت سابق من أن مستويات التعليم بالعراق هي من بين أدنى المستويات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat