تركيا استغلت حروب الشرق اﻷوسط وأصبحت قوة إقليمية في إدارة المصادر المائية
تركيا استغلت حروب الشرق اﻷوسط وأصبحت قوة إقليمية في إدارة المصادر المائية لها اليد العليا على العراق وسوريا وإيران وحاليًا تمتلك ورقة رابحة كبيرة فيما تعيش الدول الأدنى أوضاع سيئة من حيث التوازن الإقليمي بشأن إدارة المصادر البيئية.
الأتربة تغطي الشوارع وتعطلت المدينة تحت غطاء من الغبار. وحين سمعت بالأمس عبر أثير الإذاعة قرار الحكومة العراقية تعطيل المدارس والإدارات بسبب العواصف الترابية، فهمت أن “إيران” سوف تتعرض في اليوم التالي لمثل هذه العواصف.
والأتربة التي غطت المدن والمواطنين ربيع العام الجاري، تحظى بأبعاد إقليمية الاهتمام؛ وَفْقاً لـِ التقرير الذي أعده “محمد فاضلي”، ونشرته صحيفة الدبلوماسية الإيرانية؛ المقربة من “وزارة الخارجية”.
بداية الأزمة..
فقبل 42 عامًا؛ قرر “صدام حسين”، الهجوم على الأراضي الإيرانية. آنذاك جفف “العراق” جزء من المستنقعات بين البلدين؛ بحيث يقوض قدرة “إيران” على تنظيم عمليات عسكرية ضد “العراق”.
وهذه المناطق الجافة تحولت فيما بعد إلى مصدر للغبار والأتربة. لكن القصة لا تتوقف عند هذا الحد. فلقد تعرض “العراق” و”إيران” إلى الضعف خلال فترة الحرب بين البلدين، والتي استمرت مدة ثمانية أعوام. انكمش اقتصاد البلدين؛ ما دفع “صدام” لإعلان الحرب على “الكويت”.
إلا أن الحرب على “الكويت” والحرب الأميركية على “العراق” قوضت قدرة الحكومة العراقية على إدارة الأزمة البيئية، والمطالب بحصة من المياه أو تنفيذ مناورة لعبة المصالح المشتركة مع “تركيا”؛ لتأمين مياه المسطحات المائية العراقية.
“تركيا” هي الفائز الأخير..
“إيران” كذلك تعرضت للإنهاك والضعف نتيجة الحرب مع “العراق”. ولقد كانت “تركيا” أحد الفائزين بهذه الحرب. فكما سبقة الإشارة تعرضت “إيران” و”العراق” للضعف، وتحول “العراق” إلى حكومة فاشلة فاقدة للسيطرة على الأجواء البيئية للدولة.
وفي سنوات الصراع التي شهدتها دول المنطقة؛ (الصراع في العراق، وسوريا، واليمن وغيرها)، نشطت “تركيا” في تقوية اقتصادها واستكمال مشاريعها المائية. وكانت “تركيا” قد وضعت؛ منذ العام 1950م، خطة متناغمة لإدارة مصادرها المائية باعتبارها صاحبة اليد العليا على “سوريا والعراق وإيران”.
تركيا استغلت حروب الشرق اﻷوسط
وعلاوة على الاستفادة من سياسات اقتصادها القوى، فقد استغلت فرصة الحرب بالمنطقة، باعتبارها قوة إقليمية في إدارة المصادر المائية.
وحاليًا تمتلك “تركيا” ورقة رابحة كبيرة، في المقابل تعيش الدول الأدنى أوضاع سيئة من حيث التوازن الإقليمي ومستوى التعاون بين دول المنطقة؛ بشأن إدارة المصادر البيئية.
والحرب العراقية التي اندلعت ونوعية إدارك قيادات المنطقة التي لم تكن تمتلك مكانة فيما يخص البيئة أو التعاون البيئي والتعامل الإقليمية؛ بشأن المحافظة على البيئة، رفع مستوى التوتر والصراع بالمنطقة التي تقدم أمنها العسكري على أي شيء آخر، وساهم معدل انعدام الثقة المرتفع بين دول المنطقة في تحويل هذا الجزء من العالم إلى منطقة “منكوبة”.
والبيئة سلعة عامة يجب على الجميع أن يقود بدوره في المحافظة عليها والاستفادة منها. وبالنظر إلى حالة التوتر في المنطقة تكون البيئة ضحية قضايا أخرى.
ومما لا شك فيه؛ فإن “تركيا” هي الفائز الأساس من هذا الوضع.
ومن غير المستبعد بلورة نوع من التعاون بين الدول لإدارة الأزمات البيئية في هكذا جزء من العالم. وهذه أسوأ فترات صراع الأرض المحروقة بالمنطقة.
ومن غير المستبعد بلورة توازن قوة مع “تركيا” أو حتى شيء على شاكلة صفقة مائية مقابل أي شيء آخر، تهييء الإمكانيات الحقيقية للسيطرة على أزمة البيئة.
واستمرار هذا الوضع يُهدد الأمن البيئي بالمنطقة من “شرق البحر الأبيض المتوسط” و”سوريا” حتى “إيران” بل و”أفغانستان”.
ويتعين على حكام دول “شرق البحر المتوسط” التفكير بشكل أكبر في حماية بيئة شعوبهم بغض النظر عن كل مصائب شعوبهم.
والحياة في هذه المنطقة تحتاج إلى تفكير مختلف.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat