مع قرب الانتخابات البرلمانية.. كيف يبدو موقف العراق في المنطقة؟
تعكس مواقف وتصريحات المسؤولين العراقيين هذه الأيام، قوة تأثير العوامل الخارجية في المشهد السياسي العراقي، المشتت بين الاستحقاقات الداخلية كالانتخابات والإعمار والأزمة الاقتصادية والتحديات الأمنية.
وكشف رئيس الوزراء حيدر العبادي، عن سر اهتمامه بتوجيه الضربات الجوية لتنظيم داعش في سوريا، عندما توعد بملاحقة التنظيم، قائلا :»لا نريد ان يتجمعوا في سوريا للعودة لمهاجمة العراق». وأكد هذا التوجه مستشار الأمن الوطني، رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، الذي أعلن أن «العراق لن يستأذن أحدا في علاقاته الدولية، وان الوقوف بوجه الإرهاب والقضاء عليه لتجنيب المنطقة كوارث الفكر المتطرف».
وتأتي هذه التصريحات وسط مخاوف وتوقعات بحصول خرق أمني يقوم به تنظيم «داعش» عبر الصحراء آتيا من سوريا قبيل الانتخابات المقررة في أيار/مايو المقبل، وربما خلال رمضان، بما يخدم القوى المناوئة للعبادي ويضعف حظوظه في الانتخابات، في تكرار لسيناريو ظهور التنظيم عام 2014 قبيل الانتخابات السابقة.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه التهديدات والتشنج في العلاقة بين أمريكا والسعودية من جهة وإيران وحلفائها من جهة أخرى، فان ثمة مخاوف لدى العراقيين من انعكاس هذا الصراع على أوضاعهم المضطربة.
فقد شن نائب الرئيس العراقي زعيم حزب الدعوة، نوري المالكي، هجوما حادا على المملكة العربية السعودية، متهما إياها بالتأثير في الانتخابات العراقية المقبلة، محذرا، من أن «إرسال المسلحين إلى سوريا سيواجه بالمقاتلين» ومتهما السعودية بأنها «تتوهم أنها قادرة على اختراق الساحة العراقية، عبر محاولة فتح قنصلية سعودية في النجف والبصرة والدعوات لمسؤولين وشيوخ».
ويربط مراقبون في بغداد، بين تصريحات المالكي وزيارة وزير الدفاع الإيراني للعراق، الذي أجرى خلالها لقاءات مع القادة العسكريين وخاصة قادة فصائل منضوية ضمن الحشد الشعبي وموالين لإيران، حيث جرى التطرق إلى تدعيم ما يسمى بـ»محور المقاومة» للرد على التهديدات وخاصة مسألة إرسال قوة عربية إلى سوريا واحتمال الغاء أمريكا الاتفاق النووي مع إيران.
وفي شأن آخر، يبدو ان حل الأزمة بين حكومتي بغداد وأربيل لن ترى النور قبل حسم صراع الانتخابات المقبلة ووضوح القوى التي ستتحكم بالبرلمان والحكومة، حيث يوجد خلاف شديد بين أحزاب بغداد حول كيفية التعامل مع حكومة الإقليم بين دعاة التشدد أو الحوار لحل المشاكل.
وليس ببعيد، تتصاعد الخلافات بين الأحزاب الكردية مع سخونة حملة الانتخابات، حيث أكد رئيس حكومة إقليم كردستان، ونائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، نيجرفان بارزاني، على أن «منصب رئاسة الجمهورية سيكون من حصة الكرد مجدداً، ولكن ليس شرطاً أن يُمنح للاتحاد الوطني الكردستاني». وهذا الموقف يتعارض مع تمسك الاتحاد الوطني الكردستاني بمنصب رئيس الجمهورية الذي شغله قادة الاتحاد لثلاث حكومات متتالية.
وأكد مستشار مجلس أمن الإقليم القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسرور بارزاني في حشد انتخابي في أربيل، انه «بالنسبة لنا هذه الانتخابات تحدٍ لأننا اشتركنا في الاستفتاء من أجل تثبيت حق تقرير المصير لشعبنا ولكن للأسف بسبب خيانة بعض الجهات لم يتحقق ما كنا نصبوا إليه» مؤكدا ان «الاستفتاء لم يفشل ولا تستطيع تلك الجهات التي تلقي باللائمة علينا محو حقنا في تقرير المصير».
وعن عقدة الخلاف بين بغداد وأربيل، أي كركوك، التزمت بغداد الصمت إزاء تصريحات، عن توجه محافظ كركوك راكان الجبوري إلى بغداد لنقل طلب أمريكي بشأن عودة قوات البيشمركه الكردية عقب اجتماع جمعه مع مسؤولين عسكريين أمريكيين.
وسبق أن نفت قيادة العمليات المشتركة، إعادة انتشار قوات البيشمركه في محافظة كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وذلك بعد انسحابها منها، عقب قيام القوات الاتحادية بفرض سيطــرتها عليها بعملية عسكرية في 16 تشرين الأول/أكتوبر الماضي اثر الاستفتاء على الانفصال الذي أجراه إقليم كردستان في 25 أيلول/سبتمبر 2017.
أما عن حمى الانتخابات المقررة في أيار/مايو المقبل، فهي تزداد سخونة بعد إصدار تنظيم «داعش» تهديدات ضد العملية الانتخابية، وقيام رئيس الوزراء العبادي بجولات في الساحات السنية والكردية للترويج لقائمته الانتخابية، إضافة إلى حملات التشهير والتسقيط بين الأحزاب.
وقد دعا تنظيم «داعش» عناصره إلى استهداف الانتخابات التشريعية والمرشحين والناخبين ووسائل الإعلام ورجال الدين وكل من يروج للانتخابات، إلا ان ذلك لم يردع القوى السياسية التي تواصل القتال الانتخابي بضراوة وبكل الوسائل للحفاظ على مواقعها وامتيازاتها، وهي تتجاوز هذه المرة البعد الطائفي والقومي في حملتها من خلال التحرك في ساحات كانت مقتصرة على مكون معين في الانتخابات الماضية.
ولعل حملة العبادي الانتخابية هي نموذج لهذا التوجه عبر اقتحامه الساحات السنية والكردية، التي بدأها بزيارة معاقل أهل السنة في صلاح الدين والأنبار والموصل، ثم زيارة إقليم كردستان للترويج لقائمته التي ضمت لأول مرة مرشحين كرد وسنة. وهو يركز في حملته على استثمار النصر على تنظيم «داعش» وإسقاط دولته في العراق، إضافة إلى الهجوم على الفاسدين، الذين أقر انهم يسيطرون على أجهزة الدولة، كما يحاول العبادي تطمين الكرد على حرصه على المساواة بين العراقيين وعدم عودة الديكتاتورية إلى العراق، حسب قوله.
المصدر: القدس العربي
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat