• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الوحش ! . .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

الوحش ! .

ضخم الحجم , طويل القامة , يكسوه الشعر الاسود , تخشاه كل الحيوانات , ويخافه الانسان , لقد سئم الوحدة , فأخذ يبحث عن اصدقاء , لم يجد , ولم يعثر على احد يقبل بصداقته , فقد كان مخيفا , مرعبا . 
ذات يوم , قرر ان يبني سورا مربعا كبيرا , وقرر ان يصطاد بعض البشر , فيضعهم فيه , كي يتسلى بالنظر اليهم , حالما اكتمل البناء , توجه نحو القرية , في الطريق , شاهد عجوزا تسير ببطء وتثاقل , وطفلين يجريان حولها , ازعجوها كثيرا , حتى وقعت نظاراتها , فلم تعد ترى شيئا , اقبل عليهم , هرب الطفلان حينما شاهداه , وتسمرت العجوز في مكانها , تصرخ فيهم : 
- نظاراتي ! ... لم اعد ارى شيئا ... 
لكن الطفلين لم يعيراها اي اهتمام , واطلقا ساقيهما للريح , اقترب منها الوحش , وامسكها بكفه الايمن , بالكاد ملأته , ثم ذهب ليضعها في ذلك السور , وعاد الى القرية , فشاهد ابا واما يصطحبان اطفالهما في نزهة , فاجئهم بطلته المرعبة , لم يفلحوا بالهرب , لكن الاب تقدم نحوه  , صارخا في زوجته : 
- خذي الاطفال واهربي ! . 
لملمت الام اطفالها وهامت بالهروب , لكنها شاهدت الوحش يقبض على زوجها , قبضة محكمة , ورفعه في عنان السماء , فأخذت بالصراخ : 
- زوجي العزيز ... ! . 
فرد عليها : 
- امحتونه ! ... زوجتي العزيزة ... اهتمي بالاطفال ... لا تتزوجي غيري ... ارجوك ... فأني لن اعود ! . 
جمع الوحش خلقا كثيرا من البشر في ذلك السور , واخذوا يصرخون يريدون طعاما , فجلب لهم الكثير من الحشائش , فقالوا له , نريد فاكهة , خضراوات ... الخ , فهرع الى القرى المجاورة , ودخل سوق الخضراوات , فزع الناس وهربوا , تركوا كل شيء , فتناول كل شيء , حمله وانطلق به الى اسراه ! . 
أكلوا وشربوا , ونالهم العجب من سذاجة هذا الوحش العملاق , الذي كان جالسا خارج السور , يتفرج عليهم ويبتسم , فكلم احدهم : 
- ما اسمك ؟ . 
- بني ادم ! . 
ضحك بقهقهة عالية , وسأل رجلا اخر : 
- ما اسمك ؟ . 
- بشر ! .
فضحك بصوت اعلى , كأنه فرح بكسبه للاصدقاء , فسأل ثالثا : 
- ما اسمك ؟ . 
- انسان ! . 
كانوا في اجوبتهم يستغفلونه , يتذاكون عليه , فضحك حتى سقط ارضا , فقالوا له : 
- لماذا تضحك ؟ ! . 
فأجاب : 
- البني ادم كالبشر ... وكذلك الانسان ! . 
ضحكوا بدورهم على سذاجته , فتقدم احدهم ليطلب منه : 
- ايها الوحش ... نريد لحما ! .
- لحم ... ما اللحم ... واين اجده ؟ . 
- اصطد لنا بعض الحيوانات ... واجلبها لنا لنأكلها . 
- حسنا ! . 
اسرع نحو الغابة , غاص فيها , واختفى بين اشجارها , غاب طويلا , الا انه عاد اخيرا محملا بأشياء اخفاها خلف ظهره , وكأنه اعد مفاجئة لأسراه , فقالوا له : 
- هل جلبت ما طلبناه ؟ . 
- نعم ... لقد جلبت لكم سبعة حيوانات ! . 
سحب يده اليسرى من خلف ظهره بهدوء , فأذا فيها سبعة ذئاب ,  لا تزال على قيد الحياة , اطلقها في وسطهم  ! . 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=31936
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15