هل يُقاس الشوقُ بمقياس، وهل يسجن النبض في بعد المسافات؟
تلك القلوب التي تذوب كلما مرّ ذكرى ولادتك دون أن تكتحل أعينها بنور قبّتك.
ها هي ترفرف نحو ضريحك، موعدٌ مع الرحمة...
كلّ شيء يشتعل، الشموعُ، والدموع، والحنين...
الطرقُ تزدحم في خيالي، كلّها تؤدّي إليك، وما لي سواك مَهوى، كلّما ضاق الكونُ بما رحب، أجد عندك المأوى...
أيا ضامنَ الغزال، خُذ بيدي، فما عدت أقوى على البُعد. وإن عَجَزت خُطاي، إليك ندائي "بِعَطفِكَ احتوني"
يَطُولُ البُعْدُ عَنْكَ وَلَسْتَ أَقْوَى
فِرَاقَكَ وَالفُؤَادُ يَبُثُّ نَجْوَى
مِنَ الهِجْرَانِ شَرَّدَنِي شُعُورِي
وَعِنْدَكَ مُذْ يَضِيقُ الكَوْنُ مَأْوَى
فَخُذْ بِيَدِي إِلَيْكَ، أَتَاكَ صَوتِي
فَأُوفِ الكَيْلَ عَلَّ القَلْبَ يُرْوَى
فَعَطْفِكَ يَا ابْنَ مُوسَى يحْتَوِينِي
ولَا وَاللّٰهِ غَيْرَكَ لَسْتُ أَهْوَى
&&
حين غفت شمس الرضا في طوس، ارتجف الزمان وساد الكون الوجوم.
كُلَّمَا غَابَتْ شُمُوسٌ كُلَّمَا
أَيُّهَا القَلْبُ تَشَظَّى أَلَمًا
لِمُصَابٍ شَجَّ أَكْبَادَ الوَرَى
أَخْرَسَ الحَرْفَ وَأَعْيَا الكَلِمَا
إِيهِ يَا طُوسُ بِهِ كَمْ فُجِعَتْ
عِتْرَةُ المُخْتَارِ وَالدَّمْعُ هَمَى
كَمْ وَكَمْ ذَاقَتْ تَبَارِيحَ الأَسَى
بَعْدَ مِنْ كَانَ إِلَى الدِّينِ حِمَى
إِنَّهُ الشَّمْسُ إِذَا مَا حُجِبَتْ
أَصْبَحَ الكَوْنُ قَتَامًا مُظْلِمَا
إِنَّهُ كَانَ السَّنَا وَاسْتَوْحَشَتْ
بَعْدَهُ الأَفْلَاكُ أَرْضٌ وَسَمَا
صَفْوَةُ اللهِ وَابْنُ صَفْوَتَهِ
وَصِرَاطُ الحَقِّ بِالمَجْدِ سمَا
خِيْرَةُ الأَخْيَارِ، بَلْ خَيْرُ الوَرَى
مَا رَعَوا فِيهِ ذِمَامًا وَدِمَا..
&&&
غاب السنا، فاستوحشت السماوات، وتيتمت الأرض من دفئه...
لم يُرعَ في حماه عهدٌ، ولا صين فيه دم..
مضى كما تمضي الكواكب العظام شهيدا، لشمسه ضوءٌ لا يخبو...
جَرْحٌ تَنَاثَرَ حُزْنًا فِي دَمِي انْتَفَضَا
أَمُوتُ غَمًّا عَلَى مَنْ بِالزُّعَافِ قَضَى
بِي حُرْقَةُ الفَقْدِ، بِيْ عَصْفُ الذُّهُوُلِ وَبِي
دَمْعٌ يَخُرُّ عَلَى الخَدَّيْنِ مُمْتَعِضَا
مِنْ أَيْنَ أَعْبُرُ يَا دُنْيَا لِشَهْقَةِ مِنْ
عَافَ الحَيَاةَ وَجَاءَ اللهَ مَحْضَ رِضَا
غَالَتْهُ كَفُّ بَنِي العَبَّاسِ يَا أَسَفِي
عَلَيهِ، نُورٌ مِنَ الأَلْطَافِ، كَيْفَ مَضَى؟!
|