هل يُعقل أن تنحني عين العباس، التي شهدت كل أهوال كربلاء، لتهبط منها دمعة يملؤها الضعف؟ لا، لا يمكن. دمعة العباس ليست دمعة حزن، بل دمعة عز لا تنحني أمام الزمن. هي دمعة تسطر تاريخًا، دمعة تحمل في طياتها شرف التضحية، دمعة ترفرف فيها قوة لا تنطفئ، فهي لا تسقط إلا على قلب ينبض بالثبات والإصرار.
الدمعة التي تجدد العهد
إذا أردنا أن نعرف مكان سقوط تلك الدمعة، فلنذهب إلى أرض المعركة بزمن داعش حين ظن العالم أن العراق سيكون ضحية جديدة لطغيان ظن الجميع أنه لا نهاية له. هناك، حيث يتقدم رجال الحشد، حاملين نفس العزيمة التي حملها العباس، لن تجد سوى رجال كتبت أجسادهم بالنضال، وقلوبهم بالوفاء. دمعة العباس سقطت في لحظة انتصار، حين وقف هؤلاء الأبطال في وجه الطغاة، رافعين الراية نفسها، ممهدين درب النصر كما فعل هو ذات يوم. هي دمعة العهد المتجدد، دمعة سقطت على أرض تجدد فيها التاريخ، ودُوّنت بماء العز والكرامة.
في اللحظة الحاسمة، حيث يتناثر الصوت وتغرق الأرض في صمت، تلتقي الدمعة مع النصر. لا شيء سوى أبطال يقاتلون بشجاعة، يتقدمون بلا تردد كما فعل العباس يوم عبر نهر الفرات ليجلب الماء لأخيه الحسين. عبوره كان رمزًا في ذلك اليوم، أما عبورهم هو تجسيد لتلك الروح العظيمة. "لبيك يا حسين"، ترددها شفاههم، وكأن العباس يقودهم من جديد، يحرك السيوف، ويرتفع راية العز.
دمعة العزيمة التي لا تتوقف
دمعة العباس اليوم ليست دمعة ماضٍ انقضى، بل هي دمعة الحاضر الذي لا ينحني. هي دمعة تشرق على أرض تحمل في جوانبها رجالًا خُلقوا من نفس العباس، من عزيمة الحسين، ومن حلم الشرف الذي لا يخبو. دمعته سقطت، و هي تُعيد كتابة التاريخ، وتروي قصة فخر لن يسقط أبدًا.
|