مجالس المحافظات.. تجربة جديرة بالإعادة أم يجب إنهاؤها؟

تتباين الآراء في الأوساط السياسية العراقية حيال مجالس المحافظات، وفيما إذا كانت التجربة جديرة بالإعادة أم يجب إنهاؤها بشكل كبير،

ففي الوقت الذي يرى فيه طيف واسع، بأن الإدارات المحلية في النظم الديمقراطية تمثل أداة مساعدة للحكومات في أداء مهامها، وهو نظام معمول به في الدول الكبرى، وبعض الدول المجاورة، يؤكد آخرون أن التجربة العراقية فيما يتعلق بمجالس المحافظات كانت سيئة بشكل كبير، بل وأسهمت في ضياع نحو 1500 مليار دولار، تشير تقديرات بأن العراق أنفقها منذ العام 2003.

 وبعد تحديد مجلس الوزراء موعد اجراء الانتخابات المحلية، يبدو أن الحكومة العراقية والقوى السياسية ماضية في تنفيذ هذا الاقتراع، في ظل رغبة الكثير من الاحزاب الكبيرة اجرائها في موعدها، خاصة ائتلاف دولة القانون، وعصائب أهل الحق.

وأجرى العراق الانتخابات المحلية لأول مرة في العام 2009، فيما أجرى آخر انتخابات له في العام 2013، في أجواء معقدة حينها، بسبب التظاهرات التي كانت تشهدها بعض المحافظات الغربية، ما خيم بظلاله على نتائج تلك الانتخابات آنذاك، خاصة وأن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي أحرز نتائج كبيرة في بعض تلك المدن.

وخلال السنوات الماضية، كانت تلك المجالس حاضرة في النشاطات الخاصة بالمحافظات، والتحالفات السياسية الداخلية، كما أنها أصبحت ظاهرة بارزة في النزاع السياسي، وأحد أدوات بسط النفوذ والقوة داخل المدن، وهو ما اضطر الكتل السياسية إلى تقاسم تلك المحافظات، واجراء تسويات بشأن السيطرة عليها.

وأعطى الدستور العراقي لتلك المجالس قوة كبيرة ودافعاً للعمل بشكل مستقل، إذ لم تخضع وفق الدستور إلى وزارة أو مديرية أو أية جهة يمكنها محاسبتها، لكن ما حصل خلال السنوات الماضية، أن تلك المجالس تحولت إلى ميدان للابتزاز والتناحر السياسي، والتراشق في التصريحات وتبادل الاتهامات، وصولاً إلى التورط الفعلي في الفساد المالي والإداري، بل والتحول إلى عقبة كبيرة أمام مشاريع الإعمار، بسبب رغبة بعض الأعضاء بالحصول على نسب مالية من الاموال المخصصة للمشروعات. ومنذ نشوء مجالس المحافظات، كانت على الدوام، حاضرة في بيانات هيئة النزاهة الخاصة بتعقب ملفات الفساد، وكثيراً ما أعلنت اعتقال أو استدعاء أعضاء في تلك المجالس، وما زالت لغاية الآن مستمر في تلك النشاطات، وهو ما يعطي صورة أوضح عن طبية تلك الحكومات المحلية.

ولم تكن الكتل السياسية راغبة بإنهاء عمل مجالس المحافظات عام 2019، لكن عندما اندلعت احتجاجات شعبية، طالبت بوقف هدر المال العام وتحت ضغط التظاهرات اضطر البرلمان إلى اتخاذ القرار، لكن يبدو أن الوضع السياسي الحالي مهيأ لإعادة تلك المجالس بما يتناغم مع رغبة الكتل السياسية، فيما يبقى السؤال الأبرز مالذي سيتغير في المجالس الجديدة، وهل سيكون أعضاؤها قادرين على مراعاة مصالح المواطنين لا مصالحهم الشخصية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/06/21



كتابة تعليق لموضوع : مجالس المحافظات.. تجربة جديرة بالإعادة أم يجب إنهاؤها؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net