سعر صرف الدولار.. التخفيض بين الربح والخسارة
يشكل الفارق بين سعر صرف الدولار الرسمي والموازي باب رزق كبير للمهربين ففيما تعمل الحكومة على تخفيض السعر تقوم شركات الصيرفة بشراء الدولار وتخزينه بغية تهريبه والحصول على أرباح طائلة نتيجة الفروق السعرية.
ما زال سوق الدولار الموازي يسجل فارقا بنحو 20 نقطة (نمرة) عن السعر الرسمي للعملة الأجنبية رغم قرار التخفيض.
بالمقابل أيد الإطار التنسيقي الذي يقود الحكومة بشدة قرار التخفيض رغم كلامه السابق عن صعوبة تطبيق هذا الاجراء لارتباطه بمراكز المال العالمية.
وحذر سياسيون وخبراء حذروا من اتساع العجز المالي في النفقات بسبب تخفيض سعر الدولار، الذي قد يصل الفارق إلى 15 تريليون دينار سنويا.
وسجلت أسواق البورصة الموازية بعد 24 ساعة من قرار التخفيض الرسمي للدولار، أسعارا وصلت إلى عتبة الـ 1500 دينار مقابل الدولار الواحد.
وبحسب مواطنين فإن “شركات الصيرفة تقوم منذ ليلة أول أمس بشراء الدولار لكن لا تبيعه”.
وهذا يفسر بحسب نائب، اتهام أغلب شركات الصيرفة بـ”جمع الدولار” تمهيداً لتهريبه إلى الخارج.
ويقول النائب الذي طلب عدم نشر اسمه، إن “تخفيض الدولار لن يحل مشكلة التهريب. على العكس الشركات حققت أرباحا مضاعفة الآن بسبب الفرق بين السعرين الرسمي والموازي”.
ويحقق وسطاء تهريب العملة 170 مليون دينار في المليون دولار من طريق نقل العملة بمعدل مرتين يوميا إلى الحدود لغرض تهريبها.
وأول أمس أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أن بيع الدولار بالسعر الجديد (1300 دينار) سيبدأ من يوم الأربعاء (أمس).
مؤكداً مرة أخرى على وجود تهريب للعملة.
وكان قرار الحكومة مفاجئا حيث توقعت الدوائر المقربة من السوداني أن تأخذ مناقشة مقترح البنك المركزي بضعة أيام في الأقل.
وشكر علي العلاق محافظ البنك الجديد بدوره الحكومة على “الاستجابة السريعة” لقرار البنك المركزي لتخفيض الدولار. بحسب بيان للأخير.
إلى ذلك حذر ماجد شنكالي النائب في البرلمان من “تأثيرات عكسية” إذا كان قرار تخفيض الدولار “عاطفيا”.
وقال شنكالي في تغريدة على تويتر، إن الفرق بين سعر الدولار القديم والجديد “سيقارب 15 تريليون دينار”.
وأضاف انه في حال استطاعت الحكومة تعويض ذلك الفارق، وذلك من طريق منع تهريب الدولار وتحصيل الضريبة والتعرفة الجمركية بصورة كاملة ودعم الصناعة والزراعة فهو قرار ناجح، أما إذا كان قرارا سياسياً وعاطفياً فستكون تأثيراته عكسية”.
من جهته عد رئيس مؤسسة معنية بالاقتصاد إن قرار التخفيض الأخير سيكلف الحكومة 6 مليارات دولار سنويا.
وقال رئيس مؤسسة عراق المستقبل منار العبيدي على فيسبوك: “أول تأثيرات تغيير سعر الصرف ستزيد من مصروفات الحكومة بمقدار ٥٠٠ مليون دولار شهريا وهو ما يمثل ٦ مليارات دولار سنويا”.
كما بين رئيس المؤسسة الاقتصادية إن مصروفات الدولة الشهرية بحدود ٦ تريليونات دينار عراقي كانت تساوي سابقا:
٦ تريليون÷١٤٥٠= ٤.١٤ مليار دولار
أما اليوم فنفس الـ٦ تريليونات ستساوي:
٦ تريليونات ÷١٣٠٠=٤.٦١٥ مليار دولار
أي انه شهريا زادت مصروفات الحكومة العراقية بمقدار ٥٠٠ مليون.
وعد العبيدي وهو مرشح سابق عن حركة امتداد التخفيض بانه: “حل ترقيعي توقعت أن تتبناه الحكومة”.
وأضاف: “هذا القرار على البعد الاستراتيجي هو خاطئ سيكلف الدولة العراقية مصروفات جديدة.
كما سيساهم في تقليل تنافسية القطاعات الإنتاجية ويؤثر على نسبة مساهمتها بالناتج المحلي وبذلك قد يؤدي إلى تقليل فرص العمل نتيجة تراجع هذه القطاعات”.
الحكومة بدورها لم تتحدث عن حلول سحرية لقرار تخفيض الدولار.
وقال المستشار المالي لرئيس الحكومة مظهر محمد صالح إن “هذا القرار هو جزء من الحل”.
وأكد مظهر إن “هناك حُزم جديدة من الإصلاحات والإجراءات سيعلنها البنك المركزي”.
وكان رئيس الحكومة محمد السوداني قد قال في المؤتمر الصحفي الذي عقده الثلاثاء الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على حكومته: “تفاجئنا في أول شهر بوجود التزامات واجبة تخص آلية بيع الدولار متفق عليها قبل سنتين بين الحكومة والبنك المركزي مع البنك الفيدرالي الأمريكي”.
ولفت الى أنه “اتخذنا إجراءات سريعة في موضوع نافذة بيع العملة لكنها تحتاج إلى وقت”.
وبين أنه “أصبح التجار يبحثون عن دولار غير رسمي موازٍ للدولار الذي يباع عبر نافذة بيع العملة، ولا ننكر وجود عمليات تهريب للعملة”.
وسبق أن اعترف السوداني بأن تهريب العملة إلى الخارج يتم عبر تحويلات تتم على أساس فواتير مزورة لواردات كان يتم تضخيم أسعارها.
وقال في لقاء مع القناة الرسمية إن “التهريب كان يتم عبر فواتير مزورة، وكانت الأموال تخرج ويتم تهريبها، وهذا واقع، وإلا فما الذي كنا نستورده مقابل 300 مليون دولار يوميا؟ حتما هذه الأموال كانت تخرج من العراق وهذه كانت مشكلة مزمنة منذ سنوات”.
ودافع الإطار التنسيقي بشدة عن قرار التخفيض، وأطلق مدونون مقربون من التحالف الشيعي “هاشتاك” “وعدت ووفيت” في إشارة إلى قرار السوداني.
وفي هذا الشأن قال قيس الخزعلي زعيم العصائب إن، “خفض الدولار أرجع الأمور إلى نصابها الصحيح خدمة للعراق وشعبه”.
وأضاف في تغريدة على تويتر، إن القرار “أثبت ما تحدثنا عنه مراراً وتكراراً، من أن رفع سعر الصرف المفاجئ الذي قامت به الحكومة السابقة (…) قد زاد من معاناة الشعب”.
أما نائب رئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، فقد قال “نثمن موافقة مجلس الوزراء على قرار مجلس إدارة البنك المركزي بتعديل سعر صرف الدولار مقابل الدينار. ونؤكد دعمنا لهذه الجهود للتخفيف عن كاهل الشعب”.
ودعا المندلاوي الحكومة إلى تشديد الرقابة على التجار والمتلاعبين بأسعار الصرف للسيطرة على السوق، والإسراع في تقديم الموازنة وفق السعر الجديد”.
وكانت مبررات عدم إعادة الحكومة سعر الصرف القديم وهو 1200 دينار تتعلق بأنباء رددها الإطار التنسيقي بعد ذلك، تتعلق باتفاق بين العراق والبنك الدولي لمدة 5 سنوات.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat