الفساد في العراق.. مخاض عسير فهل تولد النزاهة؟

تحاول الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني محاصرة الفساد في العراق وتتبع طرقه لسدها ومكافحته في المهد فيما يرى مراقبون أن تلك الإجراءات ليست سوى ذر للرماد في العيون لكشف فساد كوادر الحكومة السابقة واحلال كوادر جديدة تعمل بذات العقلية.

وأعلنت هيئة مكافحة الفساد العراقية عن صدور أمر استقدام ومنع السفر بحق رئيس جهاز المخابرات العراقية السابق، ضمن سلسلة من تحقيقات الفساد بالبلاد كان أبرزها القضية المعروفة إعلاميا بـ”سرقة القرن”.

ومع توليه منصبه، تعهد رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد السوداني باستئصال الفساد، وعدم استباحة أموال العراقيين، مؤكدا: “لن نتوانى أبدا في اتخاذ إجراءات حقيقية لكبح جماح الفساد الذي استشرى بكل وقاحة في مفاصل الدولة ومؤسساتها”.

وفي منتصف تشرين الثاني، أعلنت هيئة النزاهة العراقية تشكيل هيئة عليا للتحقيق في قضايا الفساد الإداري، بحيث تعمل تحت إشراف مجلس القضاء الأعلى.

وقبل يومين، أعلنت الحكومة العراقية تطورا جديدا بسرقة القرن، لافتة إلى أنها ستسترد جزءا من 2.5 مليار دولار تقريبا من الأموال المختلسة من مصلحة الضرائب ضمن مخطط ضخم تشارك فيه شبكة من الشركات والمسؤولين، وسط تعهدات بأن الحكومة تعمل على استعادة كامل المبلغ المسروق.

واعتبر محللون أن الكشف عن هذه الملفات يحمل مسارين إما رغبة الحكومة الجديدة في التطهير أو فضح عناصر الحكومة السابقة من أجل اقتلاعهم من جذورهم وإحلال آخرين واستمرار مسلسل النهب والسرقات، مؤكدين أن الفساد بالعراق تحول من ظاهرة إلى ثقافة عامة.

جينين هينيس بلاسخارت مندوبة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق خلال جلسة لمجلس الأمن في تشرين الأول  الماضي قالت :إن الطبقة الحاكمة والسياسيون في بغداد فشلوا جميعا حتى الآن في وضع المصلحة الوطنية فوق أي شيء آخر.

وأضافت أن الفساد سمة أساسية في الاقتصاد السياسي في العراق وهو جزء من المعاملات اليومية لست أنا من يقول هذا فقط إن ذلك أمر معترف به في كل أنحاء العراق هناك أيضا قطاع حكومي غير فاعل متضخم يخدم الساسة لا العراقيون.

واستطردت قائلة إن المصالح الخاصة والحزبية تُبعد الموارد عن استثمارات مهمة في التنمية الوطنية يحتاجها العراق بشدة.

العراق يصنف ضمن الدول الأكثر فسادا بالعالم، حيث تحتل الدولة المرتبة 157 عالميا من إجمالي 180 دولة ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية العام الماضي 2021.

الأرقام، بحسب محللين، تؤكد أن البلاد تعاني من مشكلة متفاقمة رغم أن المنظمة لم تحدد أرقاما دقيقة لحجم الفساد في البلاد.

في 2014، كشف رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي عن وجود نحو 50 ألف جندي وموظف في وزارة الدفاع يتلقون رواتبهم دون وجود حقيقي لهم بأرض الواقع.

2015 قال وزير النفط آنذاك، عادل عبد المهدي، إن الموازنات العراقية منذ 2003 وحتى العام ذاته بلغت 850 مليار دولار وهي أرقاك كبيرة إلا أن الفساد أهدر نحو 450 مليار دولار؟

وأشار عبد المهدي إلى أن استغلال المناصب من جانب المسؤولين لمصالح خاصة كلف العراق 25 ملیار دولار

وفي 2021، كشف الرئيس آنذاك برهم صالح أن أموال النفط من 2003 تصل لنحو ألف مليار دولار، لافتا إلى أن تقديرات الأموال المنهوبة تبلغ نحو 150 مليار دولار.

أالمحلل العراقي هاشم عبد الكريم يقول لموقع “سكاي نيوز عربية”: الفساد يندرج تحت مسارين “أصغر” وهو ما يحدث على نطاق ضيق لدى موظفي الخدمة العامة والرشاوى من أجل إنهاء الخدمات على شكل هدايا ثم “أكبر” وهو ما يقع لدى أعلى القيادات بالهرم الوظيفي وهو ينتشر بشكل كبير في الدول مثل العراق التي لا تملك سياسات كافية في مراقبة الفساد

الفساد في العراق تحول من ظاهرة لثقافة عامة وسلوك لقوى السلطة وزاد من سطوتها هيمنة المليشيات على كل مؤسسات الدولة والمناصب العليا والمحاصصة الحزبية بتشكيل الحكومات.

الأرقام المعلنة لا تضاهي الحقيقة فالواقع مرير في البلاد، فالمسؤولون الحكوميون يتسابقون على تهريب العملة الصعبة خارج البلاد وتكوين ثروات عبر آلاف المشاريع الوهمية التي لا وجود لها على أرض الواقع.

ما تسمى بقضية القرن ليست الأولى ولن تكون الأخيرة هي جزء من سلسلة فساد مستشري في البلاد، ترجع إلى اختلالات على مستوى رقابة أموال الدولة في الإدارة والآليات المستخدمة ما يسمح لهذه السرقات أن تمر مرور دون أن تشعر بها أي جهة رقابية.

هيئة النزاهة وديوان الرقابة غير كافيتين على دولة بحجم العراق لابد من تغيير النظام الإداري والتوجه نحو اللامركزية واعتماد النظم الإلكترونية.

الكشف عن هذه الملفات يحمل مسارين إما رغبة الحكومة الجديدة في التطهير أو فضح عناصر الحكومة السابقة من أجل اقتلاعهم من جذورهم وإحلال آخرين واستمرار مسلسل النهب والسرقات، العراق يتعود على مثل هذه الأخبار في مثل هذه التوقيتات.أصولياً”.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/11/30



كتابة تعليق لموضوع : الفساد في العراق.. مخاض عسير فهل تولد النزاهة؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net