لا ترهقني قليلاً
تحمّلتُ معكَ خطيئة البدء
خطيئة السائس والخيل في كسبِ الهزيمة. الجندي وبسالته في وداع حبيبته وجماله في القتل وفي الموت، والطاعة وهي ترفع عصيانها لمائدة العبد، وتذهب في حذر النوم
خطيئة الوقت
بين ليلتين
يكبرُ النهار عاماً، ويصاب الخدر بالمسافة
واجهةُ الليل تعكسُ احتراقَ العالم، وترثي قمراً ترجّل عن صهوة السّماء
ضوء يُرعب ذات القمر العاكف في عينك
وأنت الثّملُ المُعتمُ الداخلُ في خيمةِ الصّبح المُحترقة
هناك
بين صبحين
صُبحٌ آخر، يليه أو يسبقه
أنتَ الأزلي القدسي الباقي
هناك. عاكفاً على الخلق
لا ترهقني قليلاً
عالمٌ مفتونٌ بالهوامش مُذ سكَنتهُ عجرفة النّار، وفتحَ الماءُ فخذيهِ لشهوةِ الماء
منذ النطفة تعنينا، تشغلنا بالتباري على نهبنا الدارج
بالتورية
أصنعك فضيحتي الفاضلة، وأغزوك من حيث ترجو، وأزيد انكسارك لوحا يعكس شأني في أمر كان مفعولا
وأنجيك مني
لتنال لعنة الحمد، وأنالُ قرابين نشوة الحارس اليقظ
والدوائر كيدٌ
تشتبكُ في عناقٍ شرس وتتبادلُ الطّعنَ الميمون، من قمّة النّهد إلى أسفل السّهل الرّخو
تجُرّ المعركةُ خيولها إلى سقوط يتذرع بعانةِ الغيب..
وتنتفض من الألفة في دخولها أول الموت
ليس من مُنحدرٍ سلس الوعورة، يهوي بالقلب إلى موتهِ دونما وجعٍ في خاصرة السّفح وقاع الهاوية
لا ترهقني
خطيئة النزول الأول وأشجاره. المعرفة الأولى وأسماؤها، العبء الأول وأنبياؤه
والقتل
القتل الأول، وآخر ضحاياه
دمٌ صارخٌ بالفلز
يزاحم النصل على مركز الموت
خيل تورطت بالرّخام والصّهيل الدّائخ
خيل لم تسعفها الكبوة
كي تسقط في الرّيح
لا شيء
لا شيء ينتشي فيكَ
أنت النّشوة القصوى الأسمى المُعدّة من احتباس الملح في جُرح العين
لا الماء
لا الطّين
لا عسل النّطفة الـكانت ستبصرُ في العتمة لولا ارتطامها بضوء الكون المشحون
بالدّم
يا الدّم
يا الأممي العرقي الطبقي
يا المعجون بالخُبز وبالملح، قرباناً للنّزل الأول
تلكَ مُصيبة.. أن تخذلنا
تلك مكيدة أن يخذلنا الطارق
ما الطارق
موسوم باسمكَ منذُ الشّهقة
الرّمح المارق من موتك في الرحم إلى موتك في ساحات العرض
فافتح شهيّتكَ وتلقّف، يا الفرج الراهب
يا الغائب عن غيبك، يا التائب عن نفسك، وعن أخطاء النّخبة العليا المفروضة كالدرس على البشري الوحشي. الأرضي القاصر، والخاسر
كانَ غريباً عليّ حين إلتقيتهُ، وكان أكثر وضوحاً
دخل في بطن الكلام، وأنجبته الألسن
مألوفاً كالسوط
يُصلّي ألفُ ارتطام لصداعه، والرأس محشوةّ بذخيرةِ الجدران
لتصدّع الجبل، أثر العبارة وشعاع المعنى
لصليل الحجارة وصرخة الحشود المحشورة، صوت اللغة وهي تصعد إلى مقصلة القول
تعبر كالأطياف مدار الفكرة وسراديب القلب، وتخرج بيضاء
عذراء، طارحها الوحي ولم تحبل
سيُتلفك التّعففُ من لغةِ التوضح
ستنكَسرُ مثل زجاجِ فكرةٍ، ضلّت الطريق الى حرير المعنى
فاحتضنها حجر الفراغ
قلبي
دمٌ صامتٌ، في ازدحامهِ الأخير على بابِ التّرجّل
يلعبُ به النّصل، ويطمسهُ غبار الهزيمة
وتنطقه يدُ الحبيبة المجبولة برأفة الموت
لا ترهقني قليلا
مساء
الرغبة المتعبة
تدحرج رأس الموت في شوارع مفعمة بالحياة
الحانة في تأرجحها المجنون، كأنّ في قلوب مريديها امرأة يمضغها التابوت وتحتفي بها الزوايا، كأنها الوردة تنبت في كهولةِ الجسد المُعد للهجر، الموثق بخيط العطر
المترع بوصايا الأصدقاء الفرحين بخيباتهم، المولعين بجهد الضحك والرقص، كأن في أقدامهم ألف قيد يتململ
يتأرجحُ كأنه الحانة
تطرقهُ الأبواب والأقفال
تفتحه
النوافذ والقبور
تدخله
البيوت والمدن
تنام في شوارعه
المصابيح والأرصفة
تسمعه
الأصوات والطرق
تعبره
الجسور والأنهار
تشكو ليله و فجره
بارد
كفجر الغريب
يقعي في الحانة كأنها هو
لكَ وحدكَ هذا التوحّش. كلّه
ليلٌ كامل ونصفُ كَبِد
في الاقدام ألف قيد ينتحر. يدهم بيد الموت تجوبان شفير الحُلم، وتصيبان الرعب بدهشة الماء الناظر في صورته
منذ متى وللموت يد؟
تعرف ارتعاشة القبض، منذ الخلائق تقترف التعلّق بالتضرّع
أم منذ الصرير هجر السلاسل إلى همس يتوسل المشيئة
ثمة في الأذن الصّماء، أكداس من الصوت البالي
يا الرّعب
كن أنتَ مرّة
يا السّامع زحف العرق على النحر.. انتصرت
انتعل الكبد كعباً يؤجّج الصدى في جوف الصلصال، وتنبّأ بالرّجم
كن أنتَ مرّة وانكسر
جلّ جلالكَ يا رُعب
لا ترهقني قليلا
تحملت معك خطيئة البدء
خطيئة النار في اقتراف النور، والماء في العتمة
خطيئة الطيران على أربع، في سماء لا يبلغها إلا الزّحف
والأرض قلب تدحرجهُ المخالب، فيعضّ على الورد
منذُ اصطَفت السّماء الجُنود
ووزّعتهم
بينَ مُنتصرٍ وشَهيد
صاعدا درجَ الموت
والأرض ينقصها الطوفان
يدركني الماء
ويغرق
في سبب الماء
ويغرق
كل سؤال يعرف الأجوبة
ويغرق
كل الماء. في الماء
أوّل البدء، وغرقه. ثمّ أوّل البدء، وغرقه. ثمّ أوّل الغرق في كل بدء
تحملت معك خطيئة النزول الأول وأشجاره، ومغفرة الصعود الأخير
فرداً. كأنك فردا
تحملت معك، احتمالك. خطيئة احتمال الخطيئة
فلا ترهقني قليلاً
ولا تشفق عليّ
|