• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ليلة القدر .
                          • الكاتب : كريم الانصاري .

ليلة القدر

  ماأروع لحظات الانقطاع إلى الله البارىء المتعال ، المقرونة بنيّة التوبة والاهتداء والاستغفار ، المتمظهرة بنداءات التسامح واستبراء الذمم ، المتجسّدة بجلد الذات وهي تقصد التحلّل من الذنب والإثم ، فتجتاز أحياناً حدّ الرجاء لتبلغ تخوم التوسّل والإلحاح المثير للإحساس ، حتى تخلّف أبلغ الأثر بين الناس ..
إنّها محطّاتُ أوبةٍ ماأعظمها وأعظم فرصها ؛ إذ تنقلنا إلى فضاءات نكران الذات والارتماء مجدّداً في أحضان الفطرة السليمة بكلّ صفائها ونقائها المعطّربنفحات الإخلاص وأريج الاعتقاد ، فترسم بأنامل الإيمان وريشة الذائب النادم لوحةَ التائب التائق إلى رياض الخالق المنّان ، توقاً لايشفي غليله إلّا النميرالإلهيّ الفيّاض .                                   فليت العمر بأسره ليالي قدرٍ قدسية وأيّام أوبةٍ روحانية حتى نبقى وتبقى لوحة العشق الإلهي حيّة نضِرَة تسوقنا أبداً صوب مراتع العدل ومرابع الهداية والرضوان الكريم .. ليتها لاتتصرّم كي لا ننصرف إلى ذاكرتنا التعبى وأوهامنا السقمى ، حيث تعودان بنا إلى دياجير الأنا المعتمة .. إلى : أنا الأعلم ، الأثقف ، الأفهم ، الأقوى ، الأثرى ، الأرأس .. كلّ مايهمّني : شأني ، اعتباري ، غلبتي ، كلمتي ... ودونها ماسواها، حقّاً كان أم باطلاً، إيلاماً كان أوإيذاءً أو هتكاً أو ظلماً، فلا أعتني .. فتنهزم الذاتُ المراقبة المعترضة المنتقدة ثانيةً ، ويأفل نجمها ويخفت صوتها وتشحب صورتها ويضمحلّ وجودها.. حينها إمّا أن تموت هذه الذات أو تقاوم بانتظار أن تستفيق وتصحو وتينع في ليالي قدرٍ قادمة وأيّام أوبةٍ لاندري قد تنالها فرصة التوبة والانكسار المطلوب أم لا ..
من المؤسف حقّاً أن قد تكون رؤيتنا - جهلاً وغفلةً ونسياناً - في الله تبارك وتعالى قاصرةً بتصوّر وقفيّة التوبة والندم ونظائرهماعلى تلك الليالي المقدّسة دون سواها ! وكأنّ الأوبة المطلوبة إفاقةٌ مرحلية تزول فرصتها بزوال تلك الليالي العظام.                 
 إلى متى نحن في غفلةٍ ونومٍ عميق ، إلى متى نحيا على هامش هذه الليالي والأيّام حياة المضطرب المتصيّد للغفران تصيّداً وقتيّاً موسميّاً ،متناسياً أو جاهلاً بأنّ باب التوبة مفتوحٌ طيلة أيّام الله الغفورالرحيم ، فليست عند الله أيّامٌ معدودة ومواسم محدودة وأوقات معيّنة للأوبة والتوبة رغم أنّ الأهمّ والمهمّ موجودان بكلّ حال. 
 رجاءُ الآثم النادم أن تكرموه كرماً إيمانيّاً بخالص الدعاء الباسق وإبراء الذمّة الصادق في هذه الليالي والأيّام خصوصاً وفي سائرها عموماً.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=96556
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 06 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15