العقل الجمعي ومراكز الحوار

  تعاني العديد من المعاقل العلمية والفنّية والاجتماعية والخيرية ونظائرها غيابَ أو إهمالَ الاستشارة والتنسيق وتداول الأفكار ، ولاشكّ أنّ موارد الخلل والنقص والخطأ في تسارعٍ على سكّة التكرار ، فيصعب الحصر وضبط الحساب والمقياس ، ويتبع ذلك تعقّد سبل الحلّ  والعلاج ناهيك عن فقدان الوقاية  من الأساس ..

من هنا تتأتّى ضرورة الحاجة للعقل الجمعي قبال تسلّط العقل التفرّدي ، فتغييبُ الأول من ضمن مايعني : تضاؤل فرص بذر نواة الأبحاث والدراسات الممهّدة لصناعة وابتكار الأفكار الخاضعة لإمضاء وإجماع ذوي الحلّ والعقد الخبراء ، القابلة للنزول إلى ميادين العمل الفعّال .. وإزاء هذا التضاؤل المؤسف يلمع نجم التفرّد والاستبداد وهيمنة مفهوم " الإسكات " وظهور طبقات المصالح والمطامع والتماهي الأعمى - كالصنمية والببغائية والتزلّفية والحربائية - على مسرح الاستعراض والتمثيل ، مع تغييبٍ ممنهج لقامات المعارف والاستدلال المتوفّرة على قدرة النقد والاعتراض والمنع دون احتكار الرأي والتفرّد بالقرار .  
إنّنا بحاجة ماسّة إلى مراكز الدراسات بعناوينها المختلفة وثمارها المتقاربة، فحتى مع فرض وجود أو وجوب " المحور الرمز "  لابدّ من مجموعة " الخبراء " أو " تشخيص المنافع "  أو "  صيانة المقرّرات " بل نقنع ونرضى ب " گعدات الحوار العفويّات " ؛ فالمهمّ  أنّها تشحن وتصنع وتصون الممضيّ من الأفكار وتحاصر التفرّد الضارّ  .