قبل سنوات زارت مؤسّستنا - التي تعنى بتحقيق النصوص التراثيّة - معاونة رئيس وزراء جورجيا في أُمور الأديان .. بينا كنّا نعرّفها بماهية أعمالنا وأُسلوب التحقيق عندنا وأنّ مكتبتنا - أُسوةً بسائر المكتبات الشيعية - قد تجدين المصادر السنّية فيها مساوية للمصادر الشيعية ولربما أكثر في بعضها .. بل ولاغرابة حينما يجد الباحث عدداً كبيراً من المصنّفات التي تهاجم التشيّع أيّما تهاجم ، وهكذا الحال حتى في مكتباتنا الخاصّة .. كما تضمّ مكتباتنا نتاج الديانات الأُخرى كالمسيحية واليهودية وغيرهما . كلّ ذلك انطلاقاً من من مبدأٍ معرفي حواري علمي مفاده مضموناً : "نحن أهل الدليل كيفما مال نميل ".
لكن السؤال : لِمَ لانلحظ ذلك في المكتبات غير الشيعية ، فإشكالاتنا العقائدية الفكرية التاريخية ... إن لم تكن أكثر فليست بالأقلّ يقيناً ؟!
ماذا يعني ذلك ؟
نعود إلى أساس البحث ، نعم بادرتنا هذه المسؤولة الجورجية بسؤال : هل الإنجيل ، التوراة ، موجودان هنا ، أحضرناهما سريعاً لتراهما بأُمّ عينيها ، ولترى سائر المؤلّفات النظيرة .. وزاد إعجابها لمّا لمست وجود الآثار التي تهاجمنا بعنفٍ وشدّة وظلم .. قالت : حقّاً كما قلتم فأنتم أثبتّم ميدانياً أنّكم تؤمنون بالحوار العلمي المعرفي المنطقي .
أليست هذه رسالة واضحة مفادها : أنّنا واثقون مطمئنّون من المنهج والسبيل الذي اخترناه لحياتنا ومماتنا ، وأنّه الطريق السويّ الذي يأخذ بنا حيث الهداية والفلاح الأبدي .. بخلاف المناوىء الذي يخشى حتى من صغار كراريسنا ، بل من قصاصات وريقاتنا ، كونها الحقيقةالوضّاءة التي تكشف ضبابيّة ونقص ووهن وزيف ماعداها .
رسالتنا رسالة الحبّ والسلام والأمان وكرامة بني الإنسان ، التي تنبذ الكراهيّة والعنف والطغيان .
لقد أسّست زيارة المسؤولة الجورجية لعلاقات وتفهّمات وإدراكات واسعة على أرقى المستويات .. وجدناهم في جورجيا يكنّون بالغ الاحترام للتشيّع بثقافته وفكره ورموزه ورجالاته .
هذا مجرّد مثال صغير وموقف معيّن لكنّه تمكّن من بناء تصوّرٍ جديد عن التشيّع ، ماكان مشيّداً من قبل . |