• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ربيع التبعية .
                          • الكاتب : ادريس هاني .

ربيع التبعية

 ماذا نعني بالربيع العربي في بيئة اختزلت ثورتها التاريخية في الثّأر من حاكم دون الحديث عن مستقبل السياسات المتوخّى إقرارها..ثورات غير مشروطة سوى بحالة رفضوية تغيب عنها أي رؤية برنامجية في سياق جيوستراتيجي استبعدته تلك الثورات بل جعلت من قوى الهيمنة أصدقاء لها؟ إذا كان الحاكم في مصر أو تونس مستبدّ أنذاك ، فلأنّه استمد مشروعيته من خدماته لهذه القوى المهيمنة التي أغدقت عليه من مساعداتها الكثير..ماذا يا ترى يعني الربيع العربي إذا كانت قصة الثروة والتنمية والديمقراطية لها سقف في مجالات التبعية المرتبطة بسياسات المساعدات وما يرتبط بها من تحكمات وإملاءات تطال مؤسساتها وسياساتها مع وجود رقابة إمبريالية على سقوف التنمية والتطوير فيها؟ ماذا يعني الربيع العربي في مجال تستوطنه إسرائيل التي تعتبر جبهة متقدّمة للإمبريالية الغربية والتي تراقب نمو العرب السياسي والاقتصادي وتشترط عليه سقفا لا يخرم التفوق الإسرائيلي كما تشترط عليه أن يكون بالموازات مع الاعتراف بإسرائيل؟ وقد لاحظنا أن بيريز الذي قدم مشروع الشرق الأوسط الجديد قد رهن مستقبل دور العرب في هذا المشروع في الموارد الطبيعية والعمالة البشرية ولم يتحدث عن الحكامة العربية والعقل العربي..ماذا يعني الربيع العربي في مجال تلخص فيه إسرائيل كل مخططات الاستعمار واختطاف المصير العربي؟ ماذا حينما يصبح الربيع العربي صديقا لكل هؤلاء ويعتبر كل ما له علاقة بالكفاح أمرا إمّا ثانويا أو متجاوزا بينما تعمل ماكنة التضليل على تسخيف كل مطلب للمقاومة بالموازاة مع تمجيد أسطوري لثورات مجهولة الأصل ملتبسة المصير..من دون العودة إلى الأرقام فإنّ دول الربيع العربي انخرطت في سياسات التبعية والمساعدات التي يشرف عليها صندوق النقد الدولي الذي يمثل الدراع الاقتصادي والمالي لقوى الهيمنة..فالاستعمار الجديد الذي يكرس نفوذه من خلال سياسة المساعدات التي ترهن هذه الدول لسياسات مشروطة استمرّ حتى مع الربيع العربي حيث ازداد منسوب المساعدات من ذات المصدر ناهيك عن المساعدات التي تأتي من منطقة الريع النفطي والتي تستهدف هي الأخرى احتواء هذه الدول ضمن مشاريعها..في بداية الحراك ولا سيما حينما تم إسقاط كل من مبارك وابن علي أبدت الممانعة موقفا إيجابيا كما فعلت بعض الدول الرجعية والأوربية..ومع تشابه الموقف إلا أن كلا فعل ذلك انطلاقا من رؤيته وسياسته الخاصة..لكن سرعان ما تميزت الرؤى والأهداف لا سيما حينما تقدم الربيع العربي بوقاحة للإطاحة بمحور الممانعة..لقد فشلت الممانعة في احتواء الربيع العربي الذي اختار أصدقاء له من داخل الناتو والرجعية..وكان ذلك نتيجة عمل كبير قامت به هذه القوى للحؤول دون حصول أي احتواء من قبل الممانعة للحراك العربي..في سوريا بات واضحا أن أجندة الربيع العربي هو الإطاحة بكل مكتسبات الممانعة مقابل استلام سلطة ضمن برنامج ملتبس وغامض..فالإخوان سعوا في البداية إلى لعبة الإدعاء بأنهم سيحررون الجولان وسيكونون هم المقاوم الحقيقي..تردد هذا الموّال الكاذب في خطاب فلول الربيع العربي من الإخوان قبل أن نرى عملاء الإمبريالية يقايضون ربيعا حراميا على مكتسبات المقاومة..فكل من هؤلاء كما ذكرنا أعلنوا تبرّما من كل ما هو ممانعة وهرولوا إلى إيباك وألقوا خطابات تنضح بمركب ستوكهولم..وإذا تأملت منحنى العبارات والمواقف في اتجاه الاحتلال ستجد انه منحنى راكع، حيث ما قدم من حالات الهجاء ضد الممانعة كان يوازيه الكثير من التّزلف للقوى الإمبريالية.. لم تمض إلا فترة قصيرة لينكشف المستور: الإخوان في سوريا يغازلون إسرائيل ويعدونها بالتطبيع متى ظفروا بالسلطة..لا خلاف بين خصوم سوريا من أقصى الليبرالية إلى الإخوان إلى المتطرفين كلهم على موقف مشترك من استبعاد الموقف الممانع من إسرائيل..لقد نفذوا كل ما كانت تطلبه إسرائيل وأهمه إرباك سوريا وتخريب بنياتها التحتية وإشغالها عن إسرائيل..
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78493
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15