• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : في وحشته الاخيرة خضير ميري ،، صمت أخر .
                          • الكاتب : د . نوفل ابو رغيف .

في وحشته الاخيرة خضير ميري ،، صمت أخر

  لم يعد في الوجد متسع يليق بأوجاع العراقيين ، ثمة غصة لاتكاد تنتهي حتى نشرق بأخرى فنصمت ذاهلين امام فراق قسري عودنا على النأي غيلة ، وأوغل في الصحبة الحميمة وفي سدنة الجمال.. لاأفق للأبتعاد فهو يكمن في زوايا بغداد وبين أيقوناتها الثمينة وبوحها المخنوق .
 فها من جديد وفجأة بعد منتصف ليلة أثقلها مطر ناعم متواصل حفر الشوارع والهواجس والذكريات ،، بعد سويعات من حديث حميم مع الصديق الأعز باسم الشيخ حيث كنّا نتشارك في اعادة قراءة خضير ميري محبة وصدقا وأملا ، يجئ خبر اخرق يبدد نشوتنا بعودة صاحب (العسل والجنون) الى منصته الاثيرة في جريدة الدستور بعد سكون وترقب وارتباك ، فبعد أن تحدثنا عنه في لقائه الاخير وعودته مزهوا الى حرفة الصانع الأمهر، وإذا بصفحات الاصدقاء تنقل وجع نبأ المساء الاخير..
 زهرة اخرى يقطفها الموت وقنديل اخر يخبو في غفلة من نهاراتنا النازفة ، وذاكرة زاخرة ينتزعها القدر في شتاء ملبد بالذهول .
لاتزال حقيبته الصغيرة النحيفة بماتنطوي عليه من قصاصات وأقلام يكاد حبرها ينفد وكتيبات متعبة وافكار كبرى أرهقها الانتظار ، ولاتزال ملامحه الوادعة المحببة تملأ الأمكنة والمفازات ، ونظارته الطبية التي تنسبل الى الأسفل قليلا لترتفع عيناه الشاخصتان مليئتين بالطيبة والنقاء والثقة والاحتمالات المفتوحة ، بينما يلوح جسده الذاوي مثل معلم سومري أدمن التأمل في كل شئ وأدمنته غربته فاعتاد على مزاولة الألم على طريقة لايجيدها سواه.
سيرة غريبة نسجتها سنوات القراءة والفحص والمكابرة والضياع ، وطاقة جبارة من الحب والسلاسة والبحث عن نشوة لاتنتهي.
تعلمنا منه كثيرا وأصغينا له طويلا وحاولنا فك شفراته المعقدة وأسراره العصية ، تعلمنا منه إرادة الحب وشغف القراءة وصخب الأسئلة .
ثمة لذة عجيبة حين يسبر بخطواته ازقة العمر بين بغداد والقاهرة ،، ويستغرق في عالمه ليترك الآخرين مشدودين بلا اجابات.
الأمانة تقتضي على صعيدنا الخاص ان نرفع القبعة لخضير ميري فلايزال شاخصا كرمح عراقي على منصة ( أتيليه القاهرة ) وهو يقدم كاتب السطور في اُمسية شعريةً نادرة منحها عنفوانه وانتماءه وقلقه الهادئ وثقته بصوته الهادر النديان ،، كان صاحبنا المجنون الموشح بالحكمة، سادن تلك الأمسية الفريدة التي أقيمت لنا بحضور مميز ، وقائد دفتها في وفاء نادر يليق به وبعراقيته وانتمائه الصارخ للحب والجمال، وأي انتماء ؟؟ذلك الذي لم تغيره البلدان والمفازات والمنصات .. ولايتسع المقام للحديث عن دوره وآرائه وكتاباته في مهرجان ( قصيدة الشعر الاول ) وفي مشروعنا وتجربتنا فلها مقام اخر . 
 ولاعزاء في من ينحتون الألم مثابات للحياة ويصوغون الوجع سلاما وأملا وقصائد لاتخبو .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=75269
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 03 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15