إن نصوص القرآن الكريم هي ربانية المصدر ، و هي الثابتة التي يجب استشعار قدسيتها ، و استصحاب تلك القدسية في كل زمان ، و مهما اختلفت الظروف .
يكون التغير و المتغير هو ( فهم ) تلك النصوص بما يدخل من تطور و تغير زماني و مكاني ، و الفهم هنا ليس مقدساً ما لم يصدر من ( معصوم ) ، فلو صدر من أحد علماء التفسير يحبذ الاستئناس به ان لم يخرج عن مقاييس التفسير ، لكن لا يجب تقديسه بما يخرج عن المألوف .
ان نظرة سريعة على كتب التفسير بشكل ( عام ) ستظهر للقارئ بأنها تحوي أشياء كثيرة ليست من صلب التفسير ، حتى قيل في بعضها : فيه كل شيء سوى التفسير .
إن أغلب كتب التفاسير التي ألفت خلال عصور الركود و التأخر لا تخرج عن تلخيص لجهد سابق أو شرح أو تعليق عليه ، حتى انحدر النشاط التفسيري إلى مستوى الفردية و الوقوف عند تكرار المنقول ، و يكفينا للتعرف على هذه الحقيقة أن نلقي نظرة عابرة على التفاسير التي أُلفت في هذه العصور الراكدة ، و خاصة تلك الفترة التي أصاب الضعف فيها الكيان الإسلامي .
فـ(البغوي تفسيره مختصر من الثعلبي ، و تفسير الجواهر الحسان هو اختصار لتفسير المحرر الوجيز ، و الدر المنثور عبارة عن جمع ما نقل عن السلف بصحيحه و سقيمه ، دون إضافة أو زيادة أو حتى تعليق ، و البيضاوي تفسيره اختصار للكشاف ، و مفاتيح الغيب ، و تفسير الراغب الأصفهاني ، و مدارك التنزيل للنسفي ، كل ذلك تلخيص للبيضاوي و الكشاف ، و لباب التنزيل اختصره الخازن من معالم التنزيل للبغوي مع حذف الأسانيد ، و تجنب التطويل و الإسهاب ، و البحر المحيط معظمه من تفسير الزمخشري)( ) .
و من أهم ما لوحظ على تلك التفاسير ـ على سبيل المثال ـ :
1ـ ملء كتب التفسير بالخلافات المذهبية و العقائدية و غيرها .
2ـ تهميش أحاديث مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) و دورهم في التفسير و علوم القرآن .
3ـ اكثار النقل عن أهل الكتاب .
4ـ كثرة رواية الأحاديث الضعيفة و الموضوعة في التفسير . |