• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ربيع باهولوجي .
                          • الكاتب : ادريس هاني .

ربيع باهولوجي

ما الذي جعل الإخوان يتحوّلون بين عشية وضحاها إلى قادة ثورة هم الذين كانوا حتى آخر عهد حسني مبارك يعملون في إطار سياسة التمكين..وما الذي جعلهم في واجهة الربيع العربي هم الذين كانوا حتى اللحظات الأخيرة من انطلاق الثورة يؤمنون باستحالتها.. من الذي جعل رجلا جبانا مثل القرضاوي الذي قضّى حياته فارّا من الأمن المصري وحينما مسكوا به ذات عام وهو شاب ماسك بكراساته، قال لهم لا علاقة لي بأعمال الجماعة فأنا طالب مجدّ ومشغول بالإمتحان..ما الذي جعل شيخا جبانا في بلد رجعي يكفر بالثورات يتحوّل إلى شيخ الثورة في ربيع عربي اختلطت فيه المفاهيم والتبست فيه الأحداث؟؟ وكما ذكرنا سابقا، كان لفريدم هاوس كمثيلاتها من المنظمات التي عملت على تكريس أنماط جديد في تفكيك الكيانات السياسية في الشرق الأوسط بطرق القوة الناعمة، فإنّ هذه المنظمات أوجدت لها ممثلين محليين ووسائط نقلوا كل مشاريعها إلى قلب العالم العربي..شخصيا تتبعت سائر نشاطات القرضاوي منذ بداية الثمانينيات ومجمل فتاويه..وكلها كانت تدعوا للتهدئة والمصالحة والإصلاح..من يقرأ سلسلة مقالاته تحت عنوان : أين الخلل، التي كان ينشرها في مجلة الأمة(القطرية) والتي جمعت في كتيّب يدرك أنّ القرضاوي كان ينظّر لوجهة نظر تدين الشعب ولا تدين الحكّام..وحينما بدأت تظهر مشاريع المقاومة في المنطقة ركب القرضاوي موجتها وبات أكثر حماسة من حماس..كان القرضاوي ينافق الإيرانيين ويكذب عليهم حين كان يسايرهم في حماستهم..ولمّا بدأ التحضير للربيع العربي كان لا بدّ للقرضاوي أن يجد فرصة لفك عقدة العلاقة مع إيران والمقاومة، وذلك حينما فاجأ القريب والبعيد بموقف غامض في مؤتمر الدوحة للتقريب بين المذاهب الإسلامية..كان ذلك حدث يصعب تفسيره في حينه، ولكن تطورات الأحداث منحتنا فهما لكل ما حصل..تحرر القرضاوي وكان ذلك هو تاريخ ميلاد مفتي الناتو وشيخ الربيع العربي..ففي مصر لم يبق هناك من كاريزما الإخوان..لا أحد يملك أن يحيي رسوم هذا الخطاب..كان القرضاوي الذي فتحت له قناة الجزيرة الباب على مصراعيه..وكان لبرنامجه المعروف بالشريعة والحياة دورا في شدّ الناس إلى فتاوى تحمل آثار الزهايمر الفقهي..فتاوى تتناقض فيما بينها..المبرمجون لهذا البرنامج ينتمون تنظيميا لحركة الطلائع المنشقة عن الاخوان في سوريا، أعني معتزّ الخطيب..كان القرضاوي قد أظهر حماسة منقطعة النظير ضدّ الشعب العراقي..وكان كما تلامذته من أمثال أحمد منصور يفتخرون بأعمال الزرقاوي باعتبارها جزء من المقاومة..وحينما تم إعدام صدام حسين أظهر القرضاوي الكثير من الحزن واعتبر صدام رجلا من أهل الجنة وبأنه تاب، فيما اتهم العراقيين بأنهم قتلوا رئيسهم في عيد الأضحى..لكن ما أن تحركت موجة الربيع العربي حتى انضمّ القرضاوي لحلف الناتو وأصبح مفتيا لهم يطالبهم بالتدخل لضرب ليبيا وسوريا ويتواطؤ معهم ضد مصر..الشيخ الذي تباكى على صدام يطالب اليوم الناتو بغزو ليبيا وسوريا ويدعوا إلى قتل القذافي والأسد..بل دعى إلى قتل كل العلماء الذين يرفضون مشروع التخريب وكان مقتل الشيخ البوطي نتيجة لهذا التحريض..حينما كان الناس يقتلون على الهوية بفعل التحريض وفتاوي القرضاوي كان هذا الأخير مشغولا بالزواج بالصغيرات..كان يبرر هوسه الجنساني المفرط بالخوف من الزنا..فزواجه لم يكن زواجا بالمعنى الاجتماعي لرجل طاعن في السّن والفتنة، بل كان زواجا فحلويّا إن صح التعبير..أخبرني شيخ عامل في مكتبه سعى أن يردّه عن هذا النوع من المشاريع الباهولوجية فانتفض ضدّهم قائلا: أتريدونني ان أزني..أتريدونني أن أزني...في الحقيقة يبدو أنّ القرضاوي عاجز حتى عن أن يزني..فقد كان احتكاكيا مهووسا فقط..وكان يسعى لتحقيق مضمون كتاب حول الباهولوجيا سمّاه صاحبه: "رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه"..مؤلف هذا الكتاب هو الامام أحمد بن سليمان بن كمال باشا، وذلك في عام 903ه..وكان السلطان سليم الأوّل هو من أشار للمؤلف بكتابته..الباهولوجيا على النمط العثماني في زمن الحريم.. كان القرضاوي أوّل من استغل الربيع العربي في مشواره الباهولوجي..وقبل داعش كان القرضاوي زير الصبايا..زوجته الجزائرية الطليقة انتفضت وأظهرت الكثير من علاقاته المشبوهة مع إسرائيل..كان يصعب علينا الأخذ بكل ما قالته لأسباب تتعلق بالموضوعية، ولكن ذات المناوشات الباهولوجية التي واجهها مع زوجته الجزائرية هي نفسها المناوشات التي واجهها أحد حوارييه الذين سلكوا على سنّته، أعني أحمد منصور مع زوجته المغربية..ربيع الباهولوجيا ازدهر..وكأن الربيع العربي هو موسم اللّقاح..أو هو فصل رجوع الشيخ إلى صباه بالقدر الذي يعكس الشيخوخة المبكّرة لأطفال زعموا أنهم قادة تاريخيين لثورة لا يملكون ناصيتها..ترافق نزوع القرضاوي الطائفي مع بروز شبقيته المتأخرة مع عمالته المفرطة..قبل أعوام من انطلاق صفارة الربيع العربي كانت للقرضاوي زيارات مكوكية..ومن بين تلك الزيارات لقاؤه بالقذّافي..لم يكن هذا الأخير يعلم أنّ القرضاوي سيفتي في يوم ما بقتله، وإلاّ...لكن ما خفي عن الرأي العام هو ما قاله القرضاوي في حضرة القذّافي..ينقل لي من حضر اللّقاء بأنّ القرضاوي أثخن في التملق والمديح..وقال ما مفاده أنّ ما أنتم عليه اليوم هو الإسلام الحقيقي..وحينما التقى بالرئيس الأسد قال ما مفاده أيضا أنتم الذين تمثّلون المقاومة الحقيقية..للقرضاوي مذهب سياسي وديني قبل الربيع العربي ومذهب سياسي وديني آخر ما بعد الربيع العربي..لقد راهن القرضاوي على الزرقاوي والجولاني وعلى البغدادي وزهران علوش واعتبر كل ذلك دفاعا عن الشعب السوري..ثم ما لبث أن كشر أنيابه ضدّ المقاومة ورموزها..لم تكن المقاومة في حاجة إلى صكوك غفران من القرضاوي..غير أنّ هذا الأخير أصيب بالإحباط في مصر والعراق وسوريا..كان القرضاوي يحلم أن يصلي في المسجد الأموي مع علوش والجولاني عبثا..قبل فترة تجولت في الجامع الأموي وأخذتني أمنة نعاس على مقربة من مشهد رأس النبي يحيى..وتذكرت حلم القرضاوي..قلت مع نفسي: أهل المغالطة لا تتحقق أحلامهم..لن يصلي القرضاوي هنا..وهل يا ترى يصلّي من كان مسؤولا عن سفك كلّ هذه الدماء بفتاويه البلهاء؟ كان القرضاوي يخرس أمام كل حدث فيه مقتل أو مجزرة أو انتهاكا لحقوق المدنيين في سوريا والعراق من قبل الإرهابيين..كان شيطانا أخرس في قول الحق بقدر ما كان ثرثارا في الباطل..لقد بلغ الرقم القياسي في الإفتاء..يفتي حتى من دون استفتاء.

في عملية غامضة تم تأسيس ما عرف بأكاديمية التغيير سنة 2006.. ستعمل هذه الأكاديمية في 2009 على فتح مقر في الدوحة يعنى ببناء قدرة المجتمعات على تحقيق أحلامها..وهي الأكاديمية نفسها التي ستروّج لفكرة العصيان المدني..وككل المنظمات التي تؤدّي أدوارا خاصة كانت منظمات مدعومة ماديا ومعنويا من جهات وهيئات ومنظمات دولية..بل هي منظمات تعمل تحت حماية وغطاء هذه المنظمات الدولية النافذة مما يجعلها في منأى عن الحصار الأمني..هشام مرسي الذي تمّ اعتقاله في ميدان التحرير في يناير ثم يطلق سراحه فورا بضغوط بريطانية باعتباره مصري يحمل جنسية بريطانية..كشف هذا الأخير من خلال لقاءاته على الهواء عبر الجزيرة والعربية وسواهما عن أنّه بالفعل درّب الكثير من هؤلاء الشباب لتحقيق أحلامهم..كان إذن الربيع العربي بمثابة حلم..ولكن ما لم يكن يعرفه الرأي العام أن هشام مرسي هذا رئيس أكاديمية التغيير التي كان لها الدور الكبير في احتواء وتوجيه جيل الربيع العربي ما هو إلاّ صهر شيخ الناتو(زوج ابنته): الشيخ القرضاوي..كان إذن القرضاوي حاضرا بثقله المعنوي والمادي والباهلوجي في كل أطوار الربيع العربي...هنا الربيع العربي وفّر له فرصة الطفو على الواجهة كما وفّر له فرصة لرجوع الشيخ إلى صباه...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=72762
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15