لا يمكن ان تكون حاكما، ان لم تكن حرا، ولا يمكن ان تكون حرا، ان لم تكن محكوما لخالق منحك القدرة لان تعرف علاقة الحاكم، بالمحكوم، وتلك نسبة تحتاج الى إحاطة وتدبر في قوانين الحاكم وخصائصه وما يريد.
اما الحرية فهي ان تحرر ذاتك من شروط ارتباطها المادي، تتصرف بها، وذلك يتطلب ان ترتقي ،تحلق بعيدا صوب مراتب الرفعة والسمو؛ لعلك تنجو، تمسك تلك الذات، تمتلك جوهر وجودها الحقيقي؛
ما يجعلك ان لا تكون مقيدا لضعف ارادتك، بل ان تكون متحررا من ذلك الضعف، وهذا هو الذي سيقودك نحو مرتبة العرش، اي المنارة التي بها تستضاء البقعة التي تحيط بك، وتلك ارادة لا يمتلكها الا الانبياء، والعظماء، والحكماء.
وهذا يتطلب ايضا ان تتعامل مع كيانك المقيد على انك الملك، ومن يحيط بك، هم المملكة التي يحكمها هذا الكيان الذي يحتاج الى ان ينطلق بك، يحررك من نوازعك الشريرة.
والمعنى ان شروط الحاكمية مقيدة بأمرين:
الاول: القدرة على السلب، اي تعزف عن تعلقك الخاص بذاتك، اي ان تنأى بها بما يليق بما يريده الحاكم الحقيقي منك، باعتبار ان حكمك لا يمكن ان يكون الا في ظل حكمه، وذلك ما تفرضه مصلحة الارتباط بمرتبة العرش.
الثاني: القدرة والاستعداد على توجيه وقيادة ذاتك بقيد السلب؛ اي بشرطه، بمعنى ماذا سيحصل لك لو تخليت عن أناك بطريقة جريئة وشجاعة صوب مراتب الحكمة والفضيلة، وذلك تنوقش من قبل أفلاطون وسقراط، حيث ان الشجاعة تقترن بالفضيلة .
وخلاصة الأمرين، هو ان اقصى درجات الحرية يوم تصل بذاتك الى الإيثار والتضحية، بحياتك من اجل سعادة معيتك، اي مملكتك الافتراضية، عندئذ ستكون مؤهلا لان تكون حاكما وملكا مثلما فعل يوسف الصديق.
حيث نجد ان هنالك ترابطا بين شجاعته عليه السلام على التصدي لأوامر زليخة الملكة الجميلة التي ارادات ان تساومه ذات يوم على نفسه، باعتبار ان النفس إمارة بالسوء، وصبره وقدرته على تحمل ظلمة السجن من اجل ان لا ينحرف عن المبدأ الذي الذي امن به وهو التحلي بالصبر والابمان.
لذلك كان قادرا لان يكون حاكما وملكا على عروش مصر كلها، بما فيهم السيدة زليخة التي استغفرت ربها بها بعد حين على يديه، فكان أشبه بمنارة بها تستضاء مملكة الفرعون.
|