يقول جلّ وعلا: (يا نوح إنه ليس من أهلك) هود 46

ويقول عزّ وجلّ عن لسان إبراهيم عليه وآله السلام: (فمن تبعني فإنّه منّي) إبراهيم 36

بملاحظة الآيتين السابقتين: نعرف أنّ الموازين التي يتعامل بها ربّ العزّة والجلال فيما يخص الانتماء والعلاقة بين البشر، هي ليست كما اطّرد في مجتمعاتنا.

فنحن نعرف أنه لو كان أحدُ الناس مؤمناً وصالحَ السيرة، وكان أخوه أو ابن عمّه أو أحد أرحامه طالحاً، هذا الأمر قد لا يقطع العلاقة بينهما، إلّا أن يكون المؤمن في مأمنٍ من تقاليد العشائر والعادات التي قد تفرض حقوقاً لذلك الطالح على هذا المؤمن.

لكن القرآن الحكيم، قد أورد في هذا الجانب بعض الأمثلة الواضحة، كما في الآيتين الكريمتين المذكورتين في البدء.

فعدما نرى القرآن ينقل أنّ الله تعالى ينفي انتماء ولد نوح إلى أهل نوح عليه السلام، نعلم أنّ موازين الانتماء بالرّحِم تنتفي عند اصطدامها مع موازين العقيدة.

وكذا الآية الثانية، يقول إبراهيم عليه وآله السلام، فمن تبعني فإنه منّي، يعني: أيّ شخص يتّبعني فهو منّي ولو كان عبداً حبشياً أسوداً فقيراً.

من ذلك يمكن القول: أن الانتماء الحقيقي هو الانتماء العقائدي، ولا يحدّد ذلك الولادة المادّية، بل الولادة المعنوية، فالإنسان عندما يعتنق الإسلام ويؤمن بالله ورسوله وأوليائه المعصومينعليهم السلام، كأنّه مولود جديد، وقد جاءته حياةٌ جديدة، فيبدأ حياته في ضوء العقيدة الصحيحة.

وممّا يؤيّدُ ذلك قولُ رسول الله صلى الله عليه وآله: (سلمانُ منّا أهل البيت)، ونهى الرسول صلى الله عليه وآله أن يقال عن سلمان بالفارسي، بل قال: قولوا سلمان المُحمّديّ (سلام الله عليه).

نتيجة: إنّ كلّ من اتّبع النبي صلى الله عليه وآله -اتّباعاً صحيحاً يتضمّن التسليم لرسول الله- فإنه يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله، ويدلّ عليه أنه صلى الله عليه وآله قال: يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمّة.

وإنّ كُلّ مَن خالف النبي صلى الله عليه وآله، أو ادّعى أنه اتّبعه ولم يتّبعه في الحقيقة، فهو ليس من النبي، ولا ينتمي إليه، ولو كان أقرب النّاس له من حيث المعاشرة والنسب والرّحِم.

أسأل الله أن نكون من النبي صلى الله عليه وآله، وأن نسير بسيرة أخيه ووصيّه أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله، وبسيرة أولاده الطاهرين إلى يوم القيامة، بحرمتهم عند الله تعالى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخميس 22 محرم الحرام 1437 هج

الموافق 5/ 11/ 2015 م.