لم تقف السرقات عند حدٍ محدود في عالم بني الإنسان ، فمن سرقة أموالٍ و ممتلكات ، إلى سرقة تحت طائل الغش و الاحتيال ، و حتى سرقة الأرواح و الأعراض قتلاً و اغتصاباً .
فإن كانت السرقة و في أشهر مصاديقها هي سرقة ( مادية ) ، إلا انه يوجد سرقات أخرى ( معنوية ) ، كسرقة الألقاب ، و اختلاس الكرامات ، رغبة في الرفعة و التباهي و التفاخر .
عالم السرقة فيه السفاحون القتلة ، و فيه من هو على شاكلة روبن هود ، إلا ان الكل ( سراق ) بلا ادنى تفاضل بينهم .
إن عالم الكتابة و التأليف لم ينج من السرقات التي هي و بحق أكبر و أكثر تأثيراً و حرفاً للوقائع و التواريخ .
إن الكلام عن السرقات في عالم التأليف طويلٌ جداً و مصاديقه كثيرة ، إلا اننا لن نتعرض لها ، بل سنكتفي بالتنويه إلى قضايا مفاهيمية عامة من باب الحفاظ على الكرامة الإنسانية فقط .
نقول :
انه و بعد دخول تكنولوجيا المعلومات حيز التنفيذ ، و بعد ان أصبح الكمبيوتر رائد المعرفة ، و بعد ان اصبح العالم قرية صغيرة ، بحيث لو كَتب شخص في شرق الكرة الأرضية سطراً ما ، ستجده قد وصل إلى غرب الكرة الأرضية خلال ثوانٍ معدودة .
نعم ، انها فائدة عظمى فيها الكثير من الايجابيات ، إلا انها لا تخلوا من السلبيات ، و بالخصوص ( سرقة ) الغير لها ممن هب و دب داخل ( الشبكة العنكبوتية ) و نسبها له .
ندخل الآن إلى عالم الدراسات العليا :
في عالم الدراسات العليا و بمجرد اكمال السنة التحضيرية ، سوف يعطى للطالب ( بحث ) ليكتب به ( رسالة الماجستير ) الخاصة به .
و هنا ، و بما ان الكل يسعى للشهادة فقط ( بما هي شهادة ) ، فإنك ستعرف سبب كون المستوى التعليمي في نزول سريع جداً .
فالجامعات و الكليات هدفها تحقيق نسبة نجاح ( عالية ) بغض النظر عن مستوى التعليم ، و ما ستؤول إليه حال البلد في المستقبل .
الطالب يريد أن ( يتوظف ) بأكبر درجة ( علمية ) يستطيع الحصول عليها ، حتى يكون ( راتبه الشهري ) كبيراً فقط ، و لا يهم كيف يكتب ( البحث ) أو من أين يأخذه ، أو من يكتبه له .
و هنا تأتي تقنية ( الكوبي / بيست ) و التي أصبحت رائجة في سرقة المعلومات من الغير و جمعها و تسطيرها في كتاب من تأليف ( فلان من الناس ) .
إن اكثر هذه البحوث ـ التي نحن بصددها ـ مجرد ( مسخ ) مصنوع من معلومات ( لقيطة ) جيء بها من هنا و هناك . و لأن المستوى العلمي للهيئات المشرفة على الشهادات العليا ( متدني ) فإنك تجد ان هذا ( المسخ العملاق ) يعبر من امامهم من دون ان يلاحظوه مطلقاً .
رسائل ماجستير ، و رسائل دكتوراه ، و كتب و مؤلفات ، و تحقيقات ؛ هي مجرد سرقات و سرقات و سرقات .
لقد أصبح عالم التأليف و الكتابة يدخله كل من هب و دب و ذلك ببركات ( الكوبي / بيست ) . إن جيلاً كبيراً يتكون الآن في جامعاتنا يعتاش على ( الكوبي / بيست ) . منوهاً و ناصحاً كل من يدرس ( الماجستير ) أو ( الدكتوراه ) بأنهما مجرد تدرج ( مسلكي ) في سلك التدريس ، و ليسا هما ( أكسير ) صناعة التأليف مطلقاً .
و السؤال هنا :
بعد سنوات قليلة اين سيكون مصير ( وطننا ) و ( شعبنا ) وسط الأمم الأخرى ، تلك الأمم التي تكتشف في كل ساعة نظريات معرفية جديدة ، بينما امتنا تعتاش على فضلات ( الكوبي / بيست ) ؟؟؟
اين سيكون مصير ( وطننا ) و ( شعبنا ) بعد أن يتسنم حملة الشهادات ( المنسوخة ) مناصب رفيعة في مؤسسات الدولة ؟؟؟
اين سيكون مصير ( اولادنا ) و ( اجيالنا ) ممن سيتعلمون على يد اساتذة اعتاشوا على موائد ( الكوبي / بيست ) ؟؟؟ |