• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : آيةٌ توجِّهُ ، وعادةٌ تشوِّهُ: .
                          • الكاتب : د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود .

آيةٌ توجِّهُ ، وعادةٌ تشوِّهُ:


     كثيرًا ما نسمعُ من الأخوةِ المؤمنين في المحافلِ الدينية الكبرى ، ولاسيما أضرحةُ الأئمةِ الطاهرين نداءً بصوتٍ عالٍ جدًّا يعلو بـ: (صلٌُوا على محمَّدٍ وآلِ محمدٍ بأعلى أصواتِكم) فيأخذُ الجميعُ المستمعون بالصياح العالي بالصلاةِ الكريمةِ على محمدٍ وآله (عليه وعليهم أفضلُ الصلاةِ والسلام). ونشهدُ المطلبَ نفسَه من بعضِ خطباءِ المنابرِ الذين يوجِّهون بهذه الصلاةِ العاليةِ صوتًا ، فلا يعجبُهم الردُّ ، ليقولوا بعباراتٍ ساخرةٍ ضمنًا: (هذه الصلاة خجولةٌ) ، أو (هل ذهبت أصواتُكم ؟) ، أو (ما بالُكم ؟ ألا تسمعون ؟) فيُعيدُ الجميعُ الصلاةَ بصياحٍ عالٍ ، وكأنَّ المعقِدَ في التحقيقِ هو (الصياحُ والصوتُ العالي) وليس (الصلاة بنيتِها) ! ولا أحدَ يأبَهُ بأنَّ المقامَ مقدَّسٌ ، ولا يجوزُ فيه رفْعُ الصوتِ. وهل يجوزُ للابنِ رفْعُ صوتِه بوجهِ أبيه أصلًا ؟ فكيف يجوزُ في حضرةِ الموالي المقدسين !؟
     ولأنَّ الأئمةَ المعصومين (عليهم السلام) هم خلفاءُ النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهم نفسُه ، وهم منه وهو منهم ، وألاَّ فرْقَ بينه وبينهم إلَّا أنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يوحَى إليه لأنه الرسولُ الخاتِمُ ، وهم (عليهم السلام) لا يُوحَى إليهم بوحْي النبوّة ، وهم يتسلَّمون الأمانة - أوصياءَ - عنه ، فهم يستحقون ما يستحقُّه هو (صلى الله عليه وآله وسلم) من احترام في المقام ، بموجب قولِه تعالى:
     {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ }} [الحجرات/٢].
     فهذه الآيةُ الكريمةُ توجِّهُ بعدمِ رفعِ الصوتِ بحضرةِ النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقياسًا به الأئمةُ (عليهم السلام) ، في حياتِهم ، ولأنهم شهداءُ فهم أحياءٌ يُرزقون ، مما يستدعي التخاطُبَ معهم بكل احترامٍ وهدوءٍ وأدبٍ ، وخفْضِ صوتٍ. فالصياحُ وتخطي احترامَ المقامِ المقدسِ لهم (صلواتُ الله عليهم) يُحبِطُ  العملَ. كما تسقُطُ مهابةُ العلاقةِ وفوائدُ احترامِها بين شخصين يصرُخُ كلٌّ منهما مجاهرًا لصاحبِه.
     لذا يجبُ ألا نشوِّهَ المحافلَ بالصياحِ ، فالصلاةُ على محمدٍ وآلِ محمدٍ مما لا يعلمُ عظمتَها ، وكرمَ جزائِها إلا اللهُ تعالى. والعملُ تسبقُه النيةُ الصادقةُ. فالصلاةُ الهادئةُ بنيةٍ صادقةٍ تستدعي مكافأةً إلهيةً سخيةً.
     وإذا كان اللهُ عزَّ وجلَّ يأمرُ بدعائه والتخاطبِ معه بالصوتِ المؤدّبِ الهادىءِ ، فإنه من نافلةِ القولِ أنَّ التخاطبَ مع أنبيائِه ورسلِه والأئمةً (عليهم السلام أجمعين) يكونُ تحت عنوانِ التوجيه نفسِه.
     قال تعالى: {{ وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ}} [الأعراف/٢٠٥].
     منحكم اللهُ الخيرَ والمكنزَ كلَّه بالصلاةِ على محمدٍ وآلِ محمدٍ.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=57489
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 02 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15