صدرت الفتوى الشهيرة، وبصدورها تحجّم المدّ الخطير وتلاشى الخوف الكبير وانتعشت الآمال وارتفعت المعنويات التي آلت إلى أسوأ المآل ، أمّا آيات الثناء والمديح والإعجاب التي توالت من كلّ حدبٍ وصوب فهي تحكي بمجملها الإشادة بالحكمة البالغة والتدبير الدقيق والاُبوّة الكريمة والرعاية الرفيعة التي غمرتنا بها المرجعية المباركة .
صدرت الفتوى التاريخية وعملت المرجعية العليا بتكليفها ومسؤوليّتها الدينية والأخلاقية إزاء الاُمّة وحاجتها المصيرية ، ففعلت ذلك طبق ما ارتأته لازماً ومناسباً في ظلّ الظرف الراهن العصيب .
ولكن .. ولكن ماذا نحن فاعلون ؟ ماذا فعلت النخب والكوادر والطاقات والوكلاء...؟ هل وظّفنا الفتوى لخدمة قضايانا وحرماتنا ومقدّساتنا ؟ هل استثمرناها في توحيد صفّنا ودرء الخطر عنّا والانطلاق نحو معالجة واقعنا المرير ؟
هل من غرفة عمليات ، مؤتمرات ،ندوات ، حوارات ، استشارات ، تلاقح أفكار، رواشح رؤى ... تبيّن أهمّية وقفة المرجعية الشامخة وأبعادها المختلفة ...هل من حصيلة نقتحم بهاميادين العمل بتجسيد المحتوى الذي حملته الفتوى المؤيَّدة بألطاف السماء ؟
أم لازلنا ننتظر بالمرجعية أن تعلّمنا أبسط الجزئيّات وتهدينا إلى أصغر التفصيلات ؟ أم لازلنا منكبّين على منافعنا وأهوائنا و... تاركين آلام الاُمّة ومعاناتها ومخاوفها على وجودها ومقدّساتها لمهبّ الريح ؟
الخشية كلّ الخشية أنّنا لم نتعلّم الدرس جيّداً، حيث لم نستوعب حجم الخطر المحدق حتى بمصالحنا الذاتية التي نجهد لحفظها أو نيلها .
إنّها الفرصة ياكرام ، فرصة الفتوى التي وصلتنا على طَبَقِ ذهبٍ من سيّد مراجعنا العظام ، فرصة تدارك الاُفًول وتغيير الاُمور وكسب أوسع القبول ... إنّها الفرصة كي لا نسير صوب المجهول المخيف، صوب التراجع والسقوط الرهيب . |