الرياح ٠٠٠ وقود الطبيعة الذي لا ينضب


(لعلهم يتفكرون) ٢٧
تأملات كونية في فضاءات مطلقة)

وللرياح فوائد كثيرة اخرى منها تحريك السفن الشراعية في البحار والمحيطات لتسييرها على وجه الماء بما تحمل وتقل من اوزان واحمال، ولولا ذلك لظلت  راكدة على ظهره(١)
ومنها ادارة الطواحين الهوائية والمراوح المولدة للكهرباء وغير ذلك من مرافق الحياة،  فهي مصدر من مصادر الطاقة البديلة والدائمة والمتجددة والنظيفة، ومن فوائد الرياح ايضا انها تعمل على تلقيح النباتات حيث تعمل الرياح على حمل حبوب اللقاح ونقلها من نبتة الى اخرى ،ولولا الرياح لبقيت مادة اللقاح عند النبات الذكر ولما حصل تلقيح النبات الانثى وبذلك تموت النباتات ودون ان تنتج ثمارها اليانعة،
 وتساعد الرياح الدافئة في نزول المطر، عندما يرتفع الريح الى طبقات الجو العليا الباردة، فهذا يؤدي الى تكثيف السحب ومن ثم تساقط المطر (٢) الذي يحيي الارض بعد موتها فتهتز عناصر التربة ببركته وتنمو فيها النباتات وتحيا الدواب بحياة هذه النباتات ،وكل هذه الحياة تنتشر على ظهر الارض من قطرات ماء لا حياة فيها ولولا ذلك لتحولت الكرة الارضية الى ارض مقفرة موحشة (٣)

ومن مهام الرياح تحريك المياه الراكدة لمنع تعطنها وفسادها كما تعمل الرياح على تحريك امواج المحيطات بصورة مستمرة ومخضها مخض السقاء لإيجاد محيط مستعد لنمو وحياة الكائنات البحرية، واخرى تقوم بتعديل حرارة الجو وتلطيف المناخ بنقلها حرارة المناطق الاستوائية الى المناطق الباردة وبالعكس،  واحيانا تقوم بنقل الهواء الملوث الفاقد للاكوسجين من المدن الى الصحاري والغابات لمنع تراكم السموم في  الفضاء، ، اجل فهبوب الرياح مع كل تلك البركات والفوائد علامة اخرى على حكمة الباري ولطفه الدائم ولقد تقدمت الاشارة الى ان الانسان يتعلم اول ما يتعلم في صغره اثر الريح على الاشياء من خلال نفخ والديه في طعامه ليبرداه له، فينظر ويتعلم من ذلك امورا منها ،
ان للهواء قوة دفع تحرك الاشياء، وان لهذه القوة  مقدارا واتجاها، وباننا قادرون على توجيهها نحو نقطة التأثير ، ويتعلم ايضا ان الحار يمكن تبريده بالهواء، وان الهواء يؤثر على الاجسام بالتبريد والتحريك،
 وهذا من اوائل ما قدر الله تعليمه للإنسان في صغره، ثم يتعلم بمرور الوقت اشياء كثيرة عن الرياح وتأثيرها،
ينظر الاقتصاديون الى (طاقة الرياح ) على انها الطاقة المستدامة التي لا تنضب وانها صديقة البيئة، ويمكن لها مع بقية مصادر الطاقة المتجددة للإسهام في تقليل الاعتماد على النفط، وذلك من خلال بناء مزارع الرياح البرية (التوربينات والمراوح العملاقة) وفي وسط مساحة مسطحات مائية كبيرة للاستفادة من الرياح البحرية لتوليد الكهرباء علما بان الرياح البحرية اكثر ثباتا واشد من الرياح البرية
وادرك الانسان القديم مكانة الرياح بوصفها طاقة مهمة من خلال استخدامه لها في دفع قواربه المصنوعة من جذوع الشجر لعبور المياه ،واضاف اليها بعد قرون الشراع للتحكم في اتجاهها وهي تبخر عباب البحر، وادرك الانسان القديم ان هناك رياحا موسمية تهب في فصول محددة من السنة، ودرس جهة هبوبها ومدتها واثرها السلبي او الايجابي على حياته ونشاطه التجاري او الزراعي واطلق عليها مسميات يرتبط معناها بأثره المحسوس على اهل الزراعة او الابحار،
 واعتنى البحارة على وجه الخصوص بمعرفة الرياح اكثر من غيرهم خلال عملهم في البحر، حيث استخدموا السفن الشراعية التي تعتمد على الرياح في حركتها ، لذلك توسعوا في معرفة الرياح ومواسمها واتجاهها كما كانوا يتنبئون بقدومها واوقات هبوبها ومواسمها، ويتحاشون ركوب البحر في بعض الشهور والاوقات تحاشيا للرياح العاتية،  وهذا يدل على وجود نظام للرياح ،كما يدل على الخبرة التي اكتسبوها او ورثوها من خلال ذلك حيث يتم تحديد اتجاه الرياح من مواقع النجوم ومن الجهات الأربعة المعروفة وخاصة الشمال والجنوب في الرياح الشمالية والجنوبية تكون قوية،  وهي الاصل الذي تعتمد عليه بقية الرياح الفرعية حيث اطلقوا عليها مسميات نسبة لاتجاهاتها وشدتها وسكونها ومسميات اخرى على انواع امواج المصاحبة لها ، وممن اهتم كذلك بمعرفة انواع الرياح ومواسمها وتأثيرها على المناخ المزارعون والرعاة لارتباط نشاطهم اليومي وبشكل مباشر بتلك الظروف، فكان من الطبيعي ان ينعكس ذلك على سلوكهم وفكرهم ،ولقد كان الانسان يستبشر منذ القدم بقدوم الرياح وهذا ما يفسر ورودها في القران الكريم بعدة تسميات اذ اقترن ذكرها في القران الكريم  بالرحمة والخير فذكرت عشر مرات 
بعدد من الاوصاف في في مثل قوله ؛حاملات؛ مرسلات؛ ناشرات؛ ذاريات؛ لواقح) وعرفوا انواعا من الرياح البرية يكون هبوبها مصحوبا بنزول المطر فيستبشرون بذلك(4)، وبالعودة الى الرياح البحرية نجد ان من تقدير المصمم الحكيم تقديره نوعا من الرياح عرف فيما بعد بالرياح التجارية ،وقد سميت بالرياح التجارية بهذا الاسم لأنها تساهم في حركة التجارة البحرية وتقوم بدفع السفن الشراعية المستخدمة في التجارة ذهابا وايابا
 (ما هي الرياح التجارية؟)

هي الرياح التي تهب من منطقتي الضغط المرتفع فيما وراء المدارين الى منطقة الضغط المنخفض بحيث تكون منتظمة طوال العام ويكون اتجاهها شمال شرقي في نصف الكرة الشمالي وجنوبية الشرقية في النصف الجنوبي،  وتعتبر رياح التجارية من اكثر رياح ثباتا في هبوبها، وكان البحارة الاوائل يعتمدون عليها للذهاب مثلا من جهة شمالية الى جهة جنوبية ثم ينتظرون حتى يحين موعد هبوب رياح عكسية يرجعون بها الى اوطانهم ،ولهم في ذلك معرفة تامة بموعد هبوب كل منهما ومدته وزمان ضعفها وشدتها ،ويرتبط توزيع الرياح على كوكب الارض ارتباطا وثيقا بتوزيع درجة الحرارة على سطح الارض في المناطق الاستوائية حرارتها مرتفعة فتنخفض كثافة الهواء فيها ويصبح ضغطه منخفضا وبالعكس تكون درجة حرارة الجو منخفضة في المناطق الباردة فترتفع كثافة الهواء يصبح ضغطه مرتفعا ولهذا يتغير الضغط الجوي على سطح الكرة الارضية من منطقة الى اخرى وتهب الرياح من مناطق الضغط العالي الى مناطق الضغط المنخفض وتتوقف شدتها على الفرق بين ضغطي المنطقتين وموقعهما على سطح الكوكب الارض،ويخاف اهل البحر دائما من قدوم رياح الشمال وهي الرياح الهوجاء التي تأتي من جهة الشمال وتكون باردة في الشتاء وغالبا يسبقها السهيلي (رياح السموم) ومع نهايته يثور البحر ومن علامات الشمال السحاب المتقطع من جهة الشمال الغربي وهي رياح لها تأثير في البحر اذا كانت قوية وتضطر السفن للرسو في المرافىء من شدتها، وكانت قديما تلحق الاضرار بالسفن لشدتها مما يتسبب في اغراق بعضها او تعطيل سيرها ورحلتها فيضطر ربانها الى البحث عن مرسى قريب حتى تهدا الريح وكان شدتها تؤدي الى تلف ادوات الصيد، اما رياح شمال الثمانين فهي اقوى رياح الشمال وترتفع معها الامواج الى اعلى حد لها وغالبا ما تهب عند الفجر يسبقها هدوء البحر، ومهما يكن من امر الرياح العاتية والاعاصير والعواصف من الريح ليست دائمة الهبوب على سطح الكرة الأرضية كما هو الحال في كواكب اخرى وهذا من لطف التقدير والرحمة الشاملة العامة التي نشرها الخالق على جميع الخلائق من في الارض ولولا ذلك لعسر العيش على سطح هذا الكوكب ولما درت الارزاق واستقرت ولتعذر طلبها ،ولقد وضع (بوفورت) جدولا يحدد شدة الرياح ونوعها حسب سرعتها فهي تندرج من نسيم الى معتدلة الى عاصفة بأنواعها الثلاثة نشطة وشديدة وهوجاء ثم الى زوبعة ثم الى اعصار تنتهي بالإعصار المدمر وبالتالي تبدأ سرعة الرياح متدرجة من ميل في الساعة وهي العقدة الى اكثر من 70 ميلا في الساعة اي 70 عقدة حيث سرعة الاعصار المدمر، الذي لا يقل في قوته التدميرية عن الزلازل الكبيرة وتؤثر سرعة الرياح على حالة البحر والمسطحات المائية بقوة الريح التي تقاس في مقياس لتتدرج من صفر حيثما تكون الرياح ساكنة الى قوة 12 بوفورت حيث تكون الريح اعصارا، حيث تكون حاله البحر عند ائذ (زعزعان) يبتلع البحر في اعماقه جميع السفن المبحرة، (5)
وهي مع كل هذه الفوائد من جنود الله الاشداء التي يرسلها على من يشاء ولا قدرة الانسان على صد هجومها وكم  اهلكت الرياح اقواما عاثوا في الارض فسادا (6)وكم قلبت معادلات في مواجهات عسكرية (7)وفي كل تلك العلامات والمظاهر ايات لقوم يؤمنون ويعقلون لا للغافلين الصم البكم العمي(8)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1)  (إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (33)الشورى
•  (هو الذي يسيركم في البر والبحر)يونس 22
&&
2)  ﴿ ولئن سألتهم من نـزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون ﴾ [ العنكبوت: 63].
&&&
3)  (وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ)،البقرة 164
&&&
4)   :( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (46) الروم
•  فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)الاحقاف
&&&&
5)الادميرال سير فرنسيس بيفورت وضع مقياسا للرياح مكون من 12 درجة عام 1905م، وعرف بسلم بيفورت وعدله في عام 1926م ويصف القرآن  الكريم الصنفين الاول والثاني من هذا التصنيف باسم الريح الساكن والاصناف من الثالث الى السادس باسم الريح الطيبة ، والاصناف من السابع الى  التاسع باسم الريح القاصف وهذا سبق قرآني باكثر من عشرة قرون للمعرفة العلمية المكتسبة في هذا المجال 
&&&
6) (وَأَمَّا عَادٞ فَأُهۡلِكُواْ بِرِيحٖ صَرۡصَرٍ عَاتِيَةٖ (6) سَخَّرَهَا عَلَيۡهِمۡ سَبۡعَ لَيَالٖ وَثَمَٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومٗاۖ فَتَرَى ٱلۡقَوۡمَ فِيهَا صَرۡعَىٰ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٍ خَاوِيَةٖ (7) فَهَلۡ تَرَىٰ لَهُم مِّنۢ بَاقِيَةٖ) (8)الحاقة
*)( فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون )فصلت 16
*) ( وَفِي عَادٍ إِذۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلۡعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِن شَيۡءٍ أَتَتۡ عَلَيۡهِ إِلَّا جَعَلَتۡهُ كَٱلرَّمِيمِ (42)
&&&&
7) يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ جَآءَتۡكُمۡ جُنُودٞ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا وَجُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا (لاحزاب9)
&&

8) وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُونَ إِلَيۡكَۚ أَفَأَنتَ تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوۡ كَانُواْ لَا يَعۡقِلُونَ (42) وَمِنۡهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيۡكَۚ أَفَأَنتَ تَهۡدِي ٱلۡعُمۡيَ وَلَوۡ كَانُواْ لَا يُبۡصِرُونَ( يونس 43)

الطاقة_نظيفة.jpg