المشهد الأول:
"""""""""""""""
(يظهر في بقعة من الارض بشر بن حذلم حزيناً يحدث نفسه متألّماً )
بشر : ما الذي سأفعلهُ ؟ أنا شاعرٌ وأبي شاعر .. ماذا سأقول ؟!
(يسمع صوتا في داخله ... صوت ضميره ، صوتا حزيناً واثقاَ )
الصوت : اخبرهم ان نور الارض أدىّ الرسالة بكل اصرار وتضحية واعطى دمه واخوته وابناء اخوته واصحابه من اجل الحرية والسلام من اجل الدين الحنيف .. ضد الظلم وضدّ الانحراف
بشر : هم يعرفون ذلك .. ولكنهم يأنفون ..(يحدّث نفسه ) ثم يرفع صوته شيئاَ فشيئاَ : كيف سأواجه اهل المدينة ؟ هذا نعي بحجم الارض ..نعي بحجم الحزن كله .. بحجم الارادة .. بحجم الرسالة ...
الصوت : كن شجاعا ً وصادقاً .. الامر لا يحتاج الى مبالغة ولا الى خيال ... الامر فقط يحتاج الى ان تنقل الحقيقة ..( يهمس باكياً : نعم نعم حقيقة مرة ؟!)
بشر :هذه مشكلة كبيرة أأقول قُتل الحسين؟ أأقول قُتل العباس؟ أأقول ان السبايا القادمين هم أهل بيت النبوة ؟؟ ولكن الناس تعرفهم حق المعرفة .
منظر الدم يقتلني، ينهش عينيَّ .. هذا امتحان عسير يا ربّ كأني أسهمت في القتل والآ كيف بقيت حياً الى هذه اللحظة بعد قتل الحسين واهله لا طعم للحياة .. ارادة الله ان نبقى لننقل الخبر .. ونأسى ونتألم ... الحمد لله على كل حال ..
(يتأوه ويبكي ) انا شاعر كيف انقل حادثة الدم واليتم والذبح والسبي والاباء والصمود والرجولة ؟؟ صفات مجتمعة لا تتحد الا في رجال عظماء ... الحديث اصعب ما يكون ..سأكون ناعياً .. هل سأكون موفّقاً؟ مؤثراً ؟ هل يحتاج الأمر الى ان يكون مؤثرا اكثر من الحقيقة ؟!! هل سأكون في مأمن من سيوف الحاقدين ؟ هل سأكون ضيفا في ضيافة اهل الشهداء ؟ ضيفا بريئا عند قوم كرام ؟! سأرى ..
( ينهض بشر ذو ارادة وعزم ولكنه على مرمى قلق من الدمع .. يسرج فرسَهُ ويسرع عازماً على مهمة حزينة وصادمة ومعقّدة )
(يغلق الستار)
×××
المشهد الثاني
""""""""""""
المدينة المنورة .. بيوت وأزقة وسكون .. أناس يظهرون يلونهم الحزن بلون القلق الصامت كمن ينتظر خبراً مؤسفاً .. وجوه تنتظر متعبة تشم رائحة الاخبار .. حيرة مبهمة وشوق مرير الى مجهول ... استعداد لفاجعة كبيرة .. القلوب على مسافة حزن من الحقيقة تترقب...
يظهر بشر بن حذلم قرب مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ينعى الحسين عليه السلام برقّة ٍ وحنين وبكاء : يا اهل يثرب لا مقام لكم بها
قتل الحسين فأدمعي مدرارُ
الجسم منه بكربلا ء مضرج
والرأس منه على القناة يدارُ
( هنا أصوات العويل والبكاء تُسمع عن قرب ...تزدحم الطرقات بالباكين .. نساء بني هاشم ملفعات بالسواد باكيات لاطمات .. اصوات مجالس العزاء من البيوت القريبة .. تظهر من بعيد مقبرة البقيع وتظهر امرأة محجبة بالسواد هي أم البنين ومعها طفل صغير هو عبيد الله بن أبي الفضل العباس .. تسمع الناس أنينها ونحيبها : لا تدعيني ويك أم البنين
تذكريني بليوث العرين
اربعة مثل نسور الربى
قد واصلوا الموت بقطع الوتين
(تظهر مجموعات من الناس حولها باكين يضجون بالعويل والنحيب )
ستار.
..........
المشهد الثالث
...........
يظهر على طرف من الارض مروان بن الحكم وهو يستمع الى بكاء أم البنين ، يحدّث نفسه الشقية همساً :
مروان بن الحكم : الويل لنا من هؤلاء ومن ذريتهم ومن التاريخ الذي لا يرحم ظالماً ... ما الذي دعا قومي الى قتل الحسين واهله ؟! تبا لقومي الظالمين ... ولكن عرش الخلافة يغري .. يغري .. هل هم على شبه ذرة من علي ابن ابي طالب الذي قال : غّري غيري غرّي غيري ؟؟!!
نحن عبيد السلطان الجائر ويل لنا من جهنم ..
(يغلق الستار )
×××××
المشهد الرابع
"""""""""""""
فسحة من ارض خضراء قريبة من البيوت يظهر صبيّان حزينان من صبيان المدينة يتحدثان بذهول وحزن :
عبد الله : ماذا دهاك يا مالك ؟ اراك منذهلا وصامتا ؟
مالك : أمّي تتحدث عن السيدة أم سلمة زوج النبي (ص) تقول ان لديها قارورة فيها شيء من تربة كربلاء تحولت الى دم احمر قان ٍ يغلي
عبد الله : وماذا يعني هذا الامر والعويل يملأ بيوت المسلمين ؟ مدينة فقدت حسينها يا للكارثة العظيمة !!
مالك : هو ما قصدتُ ـ بالضبط ، الدم الذي يغلي بالقارورة هو دم الحسين ع بن بنت رسول الله (ص)
عبد الله : الآن فهمت العلاقة بين عويل الناس وقارورة السيدة ام ّ سلمة (رض)
مالك : الحزن يطرز الطرقات والايام القادمة ، العويل يملأ البيوت .. كيف ستكون ايامنا القابلة؟!
عبد الله : الضمائر النقية تغلي مع الدم الذي يغلي
مالك : وفي المقابل هناك الطغيان والجبروت والعين التي لا تدمع والشيطان الذي لا يهتدي ..
عبد الله :
ولكنني اشعر ان الدمعة تنتصر على الشر والفجيعة وان الدم ينتصر على سيف الظالم وان ضحايا الحق اكبر بكثير من قلوب لا تعرف الرحمة وان الخطيئة لا تنتصر أبداً .
انتهت .... ستار.
|