• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : مسرحيَّة : جنون الهواجس .
                          • الكاتب : وهران الغزي .

مسرحيَّة : جنون الهواجس

 الفصل الأوَّل
المشهد الأوَّل
المشاهد العام : 
يفتح الستار والمسرح خالٍ يسودهُ الظلام ، صمت يخفت نشيج وأصوات دفوف الحرب تعلو تدريجياً .. جدران حديدية على جانبي المسرح وقطعة قماش سوداء وأخرى حمراء ممتدتان بشكل طولي من أعلى عمق فضاء المسرح وحتى منتصف المسرح ... ضوء ينار على سريرٍ أبيضٍ متهرئ في الجهة اليسرى من المسرح ... شخص يتلوى ويشهق بحرقةٍ في وسطهِ .. 
صوت .. 
اتبعوا ما أنزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون . 
يزيد ... يزيد ... يزيد ...   
تلك هي الأوهام تتطاير كضباب دخان أسود .. ليس لي دراية بايقاضك كل ليلةٍ وهرمونية خوفك كالجمرِ ينوح كحمامةٍ مقطعة جناحيك .. يضيع فيها صوتك وصراخك .. أين المفر... ايها القاتل ... نادني .. 
يوضح النهار خيوطه ويستتر بقناعٍ لايكاد ان يبتعد... 
موسيقى مضطربة وحركات ايمائية.. يصرخ من خوف الظلام ويتسم بالغموض لبعد مصدره .. 
صوت 
هل من ذابٍ يذبُ عن حرم رسول الله ؟ ..
بصوت جهور مكابر 
من هذا ؟ 
أهو انت الكائن الخفي الذي يتصل بي كل ليلة ؟ 
الصوت يخيم من جديد كأنَه يقترب يرهف سمعه بينما السكون شامل وقد صار اقرب اوضح .. اقترب ووضح
رضاء الله رضانا أهل البيت ... 
تضاء انوار المسرح مع اصوات موسيقية وثمة نور يضج وسط السرير ومن ثم يتضح .. 
يطوف بشكل لولبي ويتلوى على انغام الموسيقى في كل مكان من المسرح  خوفاَ ورعباَ .. 
صوت موسيقى صاخبة لحرق الخيام وبكاء أطفال وعويل نساءٍ وصليل سيوفٍ وصهيل خيلٍ وأصوت متقطعة ومن بعيد يعلو نشيج صوتٍ .. 
ويتصاعد المشهد بالأصوات .. 
صوت ينادي .. 
ألا ترون أنَّ الحقَّ لايُعمل به ... 
يزيد : 
يصارع في فراشهِ الأبيض ويتلوّى مخنوقا .. 
إنَّ قلبي لينخلع خشية من اقبالك عليَّ ..أنا لست بعبدك... اطلعني على مشيئتك...اطلع عليها من سيظل بعيداً عنك .. 
لاتذهب لاتذهب .. 
آه من الصوت ورياح الفجر تحمل الَحمى والأوجاع لي .. 
صوت 
عند الله احتسب نفسي وحماة أصحابي ... 
من هذا هل انت ثانية .. 
هذه المطاردة التي لا تنتهي .. طوال نهاري وفي عالم أحلامي ..  
من أنت ؟ من أنت ؟
صوت 
هيهات منا الذلة ... 
يسقط من فراشهِ (يزيد) سقوط مفاجئ مع صوت موسيقي مُدَوّ فيسقط على وجهه في الأرض مرعوباَ . 
((إظلام تام في المسرح))
يضاء بضوء خافت بعدما تضاء بقعة ضوءٍ يظهر دخول الخادم الى الغرفة .. 
الخادم : مولاي طرق سمعي جمل وكلمات تتحدث بها ليلة امس !!.. 
يزيد : أسمعت أنت ايضا ؟ 
الخادم : 
نعم يامولاي مع من كنت تتحدث ؟ 
يزيد : 
تكلَّم مع من كنت أتحدث ؟ 
الخادم : 
لا أعلم لا أعلم يامولاي ..  
يزيد : 
هو الذي يملي عَليّ القول ..ويختار لي المأوى في منامي .. أنا لا أرى الطريق الذي تتبعه خطاي ..ولا أشعر بالفراش الذي تطؤه قدماي .. أنا لا أعي غير صرخة تهيب بي .. وما أنا إلاَ جواب تلك الأصوات .. 
يتردد صدى صراخ الخادم (مولاي .. مولاي .. تحدث معه .. مولاي) .. وينمحي في جوف سكون الفجر الباثق مع ارتفاع موسيقى هادئة وحزينةٍ في حذرٍ .. 
يزيد : لاحول ولا قوة الا بالله .. هذا الجنون بعينهِ !!! ... 

المشهد الثَّاني

المك
ان : قصر يزيد (لعنه الله) 
رئيس الحرس : يقف على ستيج دائري وسط المسرح جالساَ على كرسي يلعب في لحيته . 
الحراس :  موزعون على شكل قوس 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 
حارس 1
أنادى رئيس الحراس ؟ 
2
لا لا 
3
ولكني سمعت نفخة نفيرهُ المشؤومة  ..
4
لابد من أنهم على مقربةٍ منّا الآن 
حارس 1 
هل جائوا ؟ 
2
من من !! 
5
من أيَ طريق هم مقبلون ؟ 
6
لابد من مرورهم من هنا ، سيقصدون القصر 
حارس 1
ولكن هل تحققتم من مجيئهم ؟ 
2
لقد سمع بقتل رسوله (مسلم عقيل بن) الذي عهده الينا .. 
6
ماذا ؟ 
3
كم عددهم ؟ 
5
ما الذي دعاهم الى المجيئ ؟  اجاؤوا لأخذ الثار  ؟ 
6
إنهم صفوة أتباع الحسين بن علي ... ومعهم حشد من النساء والأطفال ... 
3
يريدون الملك 
5
إنه اليوم الذي طالما تمنيناه يشرق فجرُهُ الآن.. والأخذ بثاراتِ بدرٍ وحنين .. 
6
ولكنهم أحفاد رسول الله  ..
حارس 1 
ليس هناك احفاد لرسول الله يرضون الحرب ضد إمام زمانهم إلاّ في سبيل أخذ الملك  
 ((صمت .. يصاحبه صوت موسيقى))
رئيس الحرس : 
اسكتوا فليس لمثلكم ان يخوضوا هذه الأحاديث ..  
لا نريد السلام .. ولكننا نريد الحرب للخلاص من هؤلاء 
حارس 1
سيدي .. هذه الحرب تقصم الرقاب وتفسد الحياة وتبعدنا عن جنات الاله .. 
رئيس الحراس .. 
متباهياً ويضحك بهسترية وقهقهةٍ عاليةٍ .. أنا لا أخشاها ما دامت تضع حدّاً لعهد الحسين بن علي .. وذرية علي بن أبي طالب.                
           (إطفاء الإنارة)

المشهد الثَّالث
تتعالـى موسيقى القتال هرمونياً .. 
يأتي عمر بن سعد مع اثنين من معاونيه ويخاطب رئيس الحرس وحراس القصر
قفوا متأهبين.. فأن ميعاد الجنة لاح قريباً.. والقضاء على جبروت الحسين بات بايدينا 
الحراس ورئيسهم يهتفون .. 
الله أكبر .. الله أكبر .. 
((أصوات ضرب السيوف مع انارة مضطربة تتطاير خلالها صور لكفوف وقربة ماء تظهر بوسط جدار المسرح ويزيد نائم على فراشه في مكان مرتفع يتوسط المسرح)) يتصاعد المشهد والقتال بموسيقى هارمونية تنتهي مع إظلام المسرح وظهور سفاكي الدماء في عمق المسرح .. يحوطون ابن مرجانة ..
عمر بن سعد 
من هم الذين يشاركونا غنائم هذه الحرب يا أمير ؟ 
يزيد :  
1.   شمر ابن ذي الجوشن .. 
2.  شبث ابن ربعي .. 
3.  حرملة ابن كاهل .. 
4.  كعب بن جابر الأزدي .. 
5.  خولي ابن الاصبحي .. 
6.  سنان ابن أنس ..  
7.  عبيدالله ابن زياد .. 
8.  حكيم ابن الطفيل ..  
9.  مرَّة العبدي .. وأنت .  
 عمر بن سعد : 
هم عجائن القوم الذين يغربلون كلَّ كلمةٍ وكلُّ غنيمةٍ .. 
1
نحن جميعاً نريد الحرب جميعا يا أمير .. 
الجميع يهتف بصوت مُدَوً 
نحن نريدها حرباً ضروساً .. 
الله أكبر .. الله أكبر .. 
2
لنقتلهم جميعا ...فهذا أوان اليقظة .. 

نحن نريد الحرب ..نريد الحرب جميعاً ..  
4
الحرب التى نريدها مقدسة .. هية في سبيل الاسلام   
يزيد : 
ياكعب لا تقحم اسم الاسلام فى هذه الحرب.. فليس هناك حرب قدسية .. و ليس هناك موت مقدس .. و لكن القداسة لولي أمركم وحده ..
5
لن تصيبنا هزيمة ما بقيت النجوم ساطعة فى السماء .. 
6
هذا الحسين بن علي يريد أن ينشر خلافة ابيه علي بن ابي طالب كما ينشر الرعب حول الجبناء .. 
يزيد :  
ستبتلع الحرب أولادهم .. وسيأتون بأهل بيتهم باكين نادبين .. 
7
لن يهدأ لي بال حتى أراهم مضرجين بدمائهم .. 

الحرب وطبولها تجريان في دمي .. 
9
مرحباً بها الحرب وغنائم بني هاشم اقتربت..  
يزيد :
يا خيل الله اركبي وابشري بالجنة ...!! 
يخرجون من مجلسهم .. يتوزعون الحراس على شكل نسق عسكري . 
رئيس الحراس يستقبلهم .. 
ما الذي حدث ؟ 
ماذا قال الأمير ؟ 
حرملة بن كاهل (لعنهُ الله) 
الى الحرب .. الى الحرب 
يندفع الجميع ويرفعون سهامهم وسيوفهم الى الأعلى  ...
يتصايحون : 
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. 
مًرَّة العبدي : 
كم حصتنا من الغنائم .. 
كعب الازدي : 
هدئ من روعك يا عبدي الغنائم كثيرة .. فالخبر يقول إنه حضر مع أهل بيته .. فالغنائم والجاريات سوف تقسم بلا ضير .. 
مًرَّة العبدي :  
هل سبق لك ان قاتلتهم ؟ 
كعب 
يضحك ويسخر من كلامهِ .. دعنا نرى ماصُِنعَ لنا من غداءٍ .. 
(صمت يخفت خلاله الأصوات تدريجياً)
المشهد الرَّابع
مجموعة من الجند أربع من الخيم تتوسطها خيمة حمراء يتجمعون حول عمر بن سعد وهو جالس على كرسي وسط المسرح , ثمة صوت خرخشة ودربكة كأنها احمال تتنقل ودخول مطبلي الحرب بدمَّاماتهم ومزاميرهم ينشدون بصوت عالٍ
ايقاع الحرب الراجلة وسط المسرح .. 
جندي يدخل عليهم وهو يحمل معه كدس من السهام والنبال وملابس الحرب ويستقبله بعض من الجنود. 
عمر بن سعد 
ألك معرفة بكلًّ هؤلاء الجنود؟ 
جندي1 
ليس لي دراية إلا أنهم من الكوفة على ما أظن   
عمر بن سعد  
انا لا اسألك عن هذا .. بل عما اذا كنت عرفت بعضهم ..  
جندي1
هم من قبائل الكوفة .. وقيل إنهم أتوا لياخذوا ثارات آبائهم ولكني لم أرَ وجه أحدهم أبداً من قبل .. يامولاي ..  
عمر بن سعد 
وأنا مثلك ... لم أرَ وجه أحداً منهم ولكنهم على الرغم من ذلك فهم معنا الآن .. 
اتعلم ... إن نفسي تدعوني الى محاولة استدعاء احدهم ..لمبادلته حديث ومعرفة مكان قبائلهم ..  جندي 2 
دعنا منهم يامولاي .. وحدثنا عن الغنائم ، ماهي حصتنا منها ؟ 
عمر بن سعد  
ولم لا ؟ 
جندي2 
يهمس بأذن أبن سعد لاتصرَّح يامولاي ... لابدَّ من عدم اعطائهم الجواب حتى لاتقع بمشاكلٍ ..  
عمر بن سعد 
ويحك ماذا تقول ؟ 
جندي2
لاتدعهم ينشغلون بالغنائم الآن يامولاي .. 
جندي 3
سيدي سيدي .. 
لقد جاءوا لتعزيز قواتنا بالأسلحة والغذاء ..   
عمر بن سعد  
نعم نعم هذا ما يقال هنا.. إذا تبادلنا معهم الحديث قد نوفق الى ازالة اللبس ولماذا هذا الحشد وتباعدهم عن المعسكر.  
جندي 3 
يهمس في أذن صاحبه (ياله من غريب الأطوار وياله من أحمق .. سأجول جولتي .. في المعسكر لأروِ ضمئي من الحر) ..  
(صمت)
موسيقى تصور رجل يرتدي رداءً ابيضاً وصوت طفلٍ, تصحبها موسيقى مضطربة , تخرج يده اليمنى من ردائه وهي عارية  يشدًًّ بكفه الأيمن الى أعالي المسرح و الجنود في اليمين واليسار يتابعون الامر, الجنود في اليسار على شكل جمهور يهتف (الله أكبر الله أكبر) وهو يدور حول نفسه ,يتحركون خلالها بطريقة المسير والاستعراض العسكري ,بضربةٍ موسيقيةٍ تنكمش ويعود المنظر الأول كأن الرجل يريد أن يخبر الجنود بشيءٍ .. 
تطاير ألوان من داخل المسرح يضاء  بالألوان الأحمر والأزرق تلازمها أصوات مرعبة وصهيل خيول وأصوات هاربة وترانيم صلاة ثمَ يدخل الرجل  المسرح 
ويبدأ الضوء بالظهور تدريجياً في وسط المسرح .. 
الرجل : 
هل قدسية معسكركم تسمح لي أن أتلو بطلبي وتلبيه لي ؟
جندي 3 
من أنت ؟ 
الرجل : 
هل تستطيع ايصال الماء لتلك الخيام ؟ 
جندي3 
ماذا ؟
الرجل : 
لا استطيع أن أصل إليهم ولا استطيع أن انجدهم .. 
جندي 3
هل أنت أحمق ياهذا ؟ أتريد أن تقتل في هذا اليوم ؟ الم ترَ تلك الحشود من الجيوش كأنَهم في حالةِِ سكرٍٍ .. بل هم سكارى وما يشعرون .. ولايميزون بين رجلٍ وامرأةٍ وبين طفلٍ وشيخٍ ..
الرجل : 
الا تسمع الا تسمع 
جندي 3 
ماذا أسمع ؟ أين ماذا ؟  
الرجل :
((اللهم احبس عنهم قطر السماء))
جندي2 
من هذا ؟ من هذا الذي تتداول الحديث معه ؟ هل هو مع الحسين ؟ 
جندي 3 
يسكت ينظرالى الرجل .. يسل سيفه بوجهه 
صوت عاصفة رملية اصوات تمزيق قماش صوت خيول دخان يملأ المسرح 
جندي2 
من هذا الرجل ؟
جندي 3
لقد اختفى لا أعرف يريد أن يروِ مخيم الحسين بن علي بالماء وطلب مني المساعدة بذلك .. لكن أين ذهب ؟ هل رأيته ؟ 
جندي 2 
أيها الأبله ماذا قال لك غير هذا ؟ كيف تتبادل معه الحديث ؟ لو سمع بهذا الشيء أبن سعد لحز رأسك ولم تنل ملكاً ولا غنائم بني هاشم .. 
((صمت ... اظلام))
يضاء المسرح والممثلون يطوفون في كل المسرح هولاً وفزعاً وعمق المسرح حرائق للخيام وبكاء وعويل أطفال وصليل سيوف وصهيل خيل وأصوات متقطعة ومن بعيد يعلو نشيج صوت السيدة زينب (عليها السلام) (اللهم تقبل منا هذا القربان) ويتصاعد المشهد والقتال بموسيقى هارمونية تنتهي مع إظلام المسرح وظهور رماح في عمق المسرح تعلوها رؤوس تضج بالنور وخلف الرماح الجنود هم من يقودون عملية الحرق والقتل خلال المشهد ويمشون على أرجلهم وأيديهم .. جنود على الأرض واجاسدهم ملطخه بالدماء ... 
يخرج الرجل صاحب الرداء الابيض من وسط هذه الجموع 
ماذا فعلتم ؟ ماذا صنعتم بابن بنت نبيكم ؟ 
تعطشتم لشرب الدماء .. 
الظليمة .... الظليمة ... 
يتنقل بين الأجساد المضرجه بالدماء المتناثرة هنا وهناك في وسط ويسار ويمين المسرح وينادي 
على الدنيا بعدكم العفا 
ينتهي المشهد بظلامٍ تامٍ ......................... النهاية ..............................




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=209153
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 10 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 10 / 23