في بداية جانحة كورونا
كان الجميع خائف مترقب لما يحصل في العالم من موت وهلاك .
هذه الجانحة جعلت منا مدمنين لمواقع التواصل الاجتماعي.
نقضي أكثر أو قاتنا ونحن نتصفح ونقرأ ونشاهد آلاف البرامج يوميا .
مما قلل من وقت العائلة .
وابتعد الأفراد عن بعضهم رغم وجودهم في نفس المكان .
ومن بين هؤلاء كانت عمتي .
وهي المرأة.. الكبيرة في السن.
كانت تجلس على شاشة التلفاز طوال اليوم .
تشاهد إحدى القنوات الفضائية المختصة بنقل اخبار العالم .
لا حظت أنها كانت تتهستر، كلما جلس بالقرب منها أحد .
كانت تتحدث طوال الوقت عن الكوارث التي حصلت في العالم .
تنقل لنا الأحداث من موت وقتل وانهيارات وصواعق .
لقد أصبحت مكتئبة .
خائفة .
متشائمة .
مترقبة لما سيحصل ،من مصائب .
لم تكن عمتي بهذا الشكل من قبل .
لقد كانت امرأة محبوبة متفائلة مؤمنة دائمة الذكر والدعاء .
انقلب حالها بين ليلة وضحاها.
حتى قررت أنا أن أنهي مأساتها .
انتظرتها حتى خرجت من غرفتها .
دخلت وغيرت في اعدادات التلفاز .
وأغلقت جميع القنوات التي تنقل الاخبار .
وتركته على قنوات الأدعية والاذكار والمسلسلات الهادفة .
وعندما عادت بحثت عنها فقلت لها بأن هذه القنوات قد أغلقت .
عندها هدأت روحها ،
وعادت الابتسامة إلى شفتيها وهي تشاهد البرامج الجميلة الهادفة
وتستمع إلى آيات من القران الكريم.
عندها تذكرت افلام كارتون كانوا قد بثوه لنا ونحن صغارا .
كان هناك طفلان مشردان .
اخذتهما احدى الشركات المصنعة للأسلحة .
لتشركهما في تجربة . عبارة عن ارتدائهم جهاز يبث لهما طوال الوقت برامج .
كان الأول يشاهد برامج قتل ورعب ودمار .
أما الثاني كان يشاهد برامج جميلة ومشاهد مؤثرة ومحببة .
شاهدوا أن الاول كان كلما كبر اتسم بالعنف والقتل .
أما الثاني كان لطيف محب للجميع فقير متسامح يفعل كل ما يطلب منه . وهكذا صنعوا سلاح فتاك من الاول . قاتل محترف .
والثاني شخص متساهل يفعل ما يريدون دون تذمر .
وعندها عرفت أن ما نشاهده يؤثر على حياتنا ونفسيتنا وعلى المجتمع من حولنا .
والسؤال هنا ؟
هل كانت هذه الأفلام التي كانت تبث أمر اعتباطيا ام مشاهد مستقبلية مدروسة لما سيكون عليه المجتمع .
وفي الحالتين الإنسان هو المستهدف بها . لابد أن نحاول أبعاد اولادنا عن مثل هذه البرامج أن كنا نرغب بأن يعيش اولادنا الحياة الحقيقية .
|