مهما حاولت ان تبحث في كتب الفيزياء فلن تجد من يفسر لك حقيقة الكهرباء على وجه الدقة ،وان اقصى ما يمكن لعلم الفيزياء الحديث ان يعطيك اياه وتفسير للتيار الكهربائي بانه عبارة عن حركة الشحنة الكهربائية والذي يقاس عادة بوحدة الامبير وأن الكهرباء هو نوع من انواع الطاقة لكن هذا بمثابة الحوم حول الحمى دون ان تقع فيه فليس هذا بالطبع التعريف الدقيق لحقيقة الكهرباء وكيف تتخلق؟ وما هو مصدرها؟
طبعا نحن لا نقصد بالمصدر البطارية التي عملية الحصول على الكهرباء من خلال تفاعل كيميائي، ولا نقصد به المولدات التي هي عملية الحصول على الكهرباء من خلال تحويل الطاقة الميكانيكية الى طاقة كهربائية وانما نقصد بالحقيقة التي هي ماهية الكهرباء وبالمصدر الذي هو علاقة كل طرق انتاج الكهرباء، يتخلق الكهرباء بالفعل والسبب من وراء هذه الاثارة هو اننا حتى ان جهلنا ماهية الكهرباء على وجه الحقيقة ،الا ان ذلك لا يدعونا لإنكار وجودها وتأثيرها العنيف وقدرتها على اعطاء الحركة والانارة والحرارة الى غير ذلك،
وقصدنا من هذه النقطة ان نقول لا يسوغ لنا انكار البيّن باثاره لجهلنا ببعض النواحي فيه من قبيل ماهيته وحقيقته ومصدره فالمجهول لا يبرر انكار المعلوم ولا رفع اليد عن وجوده لتحقق اثاره القطعية للعيان فكذلك الوجود الالهي لا يمكن انكاره وان جهلنا حقيقته او جهلنا مبدأه لو كان له مبدأ وذلك لتحقق اثاره القطيعة والمجهول لا يقود الا انكار المعلوم بحال من الاحوال وهذا بالضبط ما يفعله الملحدون والمشككون
فهم يرفعون اليد عن المعلوم بالمجهول اذا فلينكر الكهرباء أو يفسروا لنا حقيقة وجودها ومصدرها هل يفعلون (*)
وهناك امور وظواهر وقوى كثيرة في الكون مجهولة الحقيقة والمصدر ولكن لا يسعنا انكارها ولا ترك الاستفادة منها او الاستعانة بها متيقنين بوجودها لظهور اثارها ولا يحملنا جهلنا ببعض النواحي فيها على انكار اصل وجودها او تجاهل تأثيرها وخذ على سبيل المثال حقيقة الالوان ، حقيقة الإضاءة والنور، المادة المظلمة في الكون حقيقة اللهب او الشرر الذي هو اصل النار، الأشعة ، الامواج مكونات الذرة البروتونات النيترونات الالكترونات ما هي حقيقتها وما هي حقيقة الكواركات التي تتكون منها البروتونات والنيوترونات نفسها؟
وفي البيولوجي ما هي حقيقة الروح؟ وما هي حقيقة عملية التفكير والاستذكار؟ وما تعريف الحياة والموت وكيف يحصلان؟ الى غير ذلك من الحقائق المجهولة التي لا حصر لها واحب ان اختم هذه البطاقة بتلك اللفتة الرائعة التي قالها الامام علي بن موسى الرضا () ردا على احد الملحدين آنذاك حيث قال له في محاجاته (لما عجزت حواسك عن ادراكه انكرت روبوبيته ونحن اذا عجزت حواسنا عن ادراكه ايقنا انه ربنا بخلاف شيء من الاشياء) (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-(بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ )'يونس39"
-( هُوَ ٱلَّذِی یُرِیكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفࣰا وَطَمَعࣰا وَیُنشِئُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ ١٢ وَیُسَبِّحُ ٱلرَّعۡدُ بِحَمۡدِهِۦ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ مِنۡ خِیفَتِهِۦ وَیُرۡسِلُ ٱلصَّوَ عِقَ فَیُصِیبُ بِهَا مَن یَشَاۤءُ وَهُمۡ یُجَـٰدِلُونَ فِی ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِیدُ ٱلۡمِحَالِ)الرعد (١٢--١٣)
- اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣٥) النور
**الامام علي الرضا عليه السلام 1483 هـ هو علي بن موسى بن جعفر المعروف بالرضا المشتهر عند اهل زمانه بسعة علمه وعلو معارفه وتفوقه على جميع من ناظره من مختلف المذاهب والاديان كما بان للجميع في مناظراته التي كان يقيمها المأمون العباسي بينه وبين كبار علماء المذهب والاديان
***الكليني الكافي ج1 ص78 الناشر الكتب الاسلامية طهران الطبعة الثالثة 1388
|