عيد الفطر هو واحد من اعياد المسلمين التي لها من القدسية ما لها عند الله واهل البيت عليهم والموروث الروائي لأهل البيت عليهم السلام ركز على اغتنامها بالعبادة والذكر وصلة الرحم والبر وهو يوم توزع فيه الجوائز، وتبرز فيه النتائج، نتائج اعمال شهر انصرم برمته فأما شقي واما سعيد، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله : "إِنَّ لِلَّهِ خِيَاراً مِنْ كُلِ مَا خَلَقَهُ، فَأَمَّا خِيَارُهُ مِنَ اللَّيَالِي فَلَيَالِي الْجُمَعِ، وَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شعبان، وَ ليلة القدر، وَ لَيْلَتَا الْعِيدَيْنِ"(١)
ورَوى الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) أنهُ كَانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَقُولُ: "يُعْجِبُنِي أَنْ يُفَرِّغَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي السَّنَةِ أَرْبَعَ لَيَالٍ: لَيْلَةَ الفطر ، وَ لَيْلَةَ الأضحى، وَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شعبان، وَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رجب" (٢)
هذا نزر يسير فيما ورد من اهمية اغتنام هذا اليوم المبارك في ما يقرب من الله ويجنب غضبه ومعصيته، لكن جرت العادة في التفريط في هذا اليوم الانشغال في التنزه والسفر وما يصاحبها من محرمات كالتبرج واستماع المحرمات من الأغاني وغيرها، وكأنما اعتقوا من أغلال او نشطوا من عقال، فأباحوا كل محرم كانوا عاكفين عليه قبيل حلول شهر الله، متغافلين عن البعد المعنوي لهذا اليوم المبارك،
ورد عن محمد بن علي بن الحسين قال: نظر الحسين بن علي عليه السلام) إلى ناس في يوم فطر يلعبون ويضحكون، فقال لأصحابه والتفت إليهم: إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه، فسبق فيه قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخيب فيه المقصرون، وأيم الله لو كشف الغطاء لشغل محسن باحسانه ومسئ بإساءته "
فالعيد في منظور أمير المؤمنين عليه السلام هو صوم الجوارح «صوم القلب خير من صيام اللسان وصيام اللسان خير من صيام البطن»(٣)
فمن عمل بها وألجم لسانه عن الناس وحفظ قلبه من الحقد والحسد والغل واغتنم الشهر بالطاعة والتقرب لله فكان حقيقاً على نفسه ان تفرح يوم العيد وتعيد فقد انطبق عليه قول الإمام علي عليه السلام في بعض الأعياد:«إِنَّمَا هُوَ عِيدٌ لِمَنْ قَبِلَ اَللهُ صِيَامَهُ وَشَكَرَ قِيَامَهُ وَكُلُّ يَوْمٍ لاَ يُعْصَى اَللهُ فِيهِ فَهُوَ عِيدٌ»(٤)
____
١_بحار الأنوار
٢_ميزان الحكمة
٣_تهذيب الأحكام
٤_بحار الأنوار
|