• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بين المشاركة والمقاطعة: أي مستقبل ينتظر العراق؟.. .
                          • الكاتب : حسين النعمة .

بين المشاركة والمقاطعة: أي مستقبل ينتظر العراق؟..

 لا يختلف اثنان على أن العملية السياسية في العراق شابها الكثير من التشوهات، وأن نموذج "الخدمات الخاصة والولاءات الضيقة" أضعف صورة الدولة، وجعل المواطن يعيش بين الألم والخذلان. لكن السؤال الحاسم اليوم: هل يكون الرد على هذا الواقع بالمقاطعة والانسحاب، أم بالمشاركة الواعية والضغط الشعبي؟

المقاطعة… فراغ يملؤه الخصوم..
من يتصور أن مقاطعة الانتخابات عقوبة للسياسيين، يغفل عن حقيقة أخطر: أن المقاطعة لا تعاقب الفاسدين، بل تكافئهم.
 كيف؟..
لأن الساحة تُترك فارغة ليملأها منظمون يمتلكون المال والسلاح والدعاية. وفي غياب الصوت الوطني الغاضب، تعود الوجوه ذاتها لتتسيد المشهد، وكأن شيئاً لم يكن.

شبح البعث وأزلام الماضي..
إنّ المخاوف من عودة البعث ليست وهماً، بل واقع تُغذّيه بعض التحركات السياسية والإعلامية. أزلام النظام السابق يحاولون اليوم التسلل بلباس جديد، عبر واجهات حزبية أو تحالفات مشبوهة. هؤلاء ما زالوا يحملون العقلية نفسها التي ترى في العراقيين مجرد رعايا، وتستبطن الحقد على الشيعة وثورتهم ضد الطغيان.

الخنجر وصوت التهديد..
وليس بعيداً عن هذا السياق، نسمع أصواتاً مثل أصوات خميس الخنجر، الذي لم يتوقف يوماً عن إطلاق خطاب متعالٍ وتهديدي، يصف الشيعة بـ"الغوغاء" و"الشروكية"، في استعادة شبه حرفية للغة صدام حسين حين كان يسخر من أبطال الانتفاضة الشعبانية المجيدة. تلك الانتفاضة التي قدّمت الدماء لتحرير العراق من قبضة الطغيان، ما زالت هدفاً لخطاب الحقد الذي يرى في تضحياتها "وصمة" يجب محوها.

الخطر الحقيقي من الغياب..
إذا انسحب الناخبون الغاضبون من الساحة، فإنهم يتركون المجال واسعاً أمام مثل هذه الأصوات لتتصدر، وتعيد إنتاج الماضي بأدوات الحاضر. إن أخطر ما قد يحدث هو أن تتحول الانتخابات إلى "غنيمة سهلة" للبعثيين الجدد وأزلام المشاريع الإقليمية، فيشرعنون حضورهم بقوة الصندوق، لا بقوة البندقية فقط.

المشاركة كحائط صد..
من هنا، تصبح المشاركة الانتخابية الواعية ليست مجرد خيار، بل حائط صد تاريخي يحول دون عودة البعثيين ومن شايعهم. صحيح أن العملية الانتخابية ليست مثالية، وأن النظام يعاني من عثراته، لكن البديل عن المشاركة ليس الإصلاح، بل الفراغ الذي يملؤه خصوم العراق وتاريخه وتضحياته.

كلمة للوجدان..
الذين استُشهدوا في الانتفاضة الشعبانية، والذين واجهوا صدام بصدور عارية، لم يقدّموا دماءهم ليعود الخطاب نفسه يصف أبناء الجنوب بالغوغاء، أو ليُعاد تدوير البعثيين بواجهة جديدة. إن المشاركة اليوم واجب أخلاقي قبل أن تكون خياراً سياسياً، لأنها تحفظ دماء الشهداء وتؤكد أن العراق لن يعود إلى زمن الاستبداد.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=208318
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 09 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 09 / 24