• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مذكرات أقدم مدرس تاريخ في كربلاء (الأستاذ عبد الرزاق الحكيم) (سوق السرداب للكتب) .
                          • الكاتب : اسعد عبد الرزاق هاني .

مذكرات أقدم مدرس تاريخ في كربلاء (الأستاذ عبد الرزاق الحكيم) (سوق السرداب للكتب)

 على مدى سنوات، كان هذا الهدوء الذي يتسم به حيّ المعلمين يشدنا الى اعماق كربلاء، أشعر بالحزن الشديد؛ كوني لم أفكر بتوثيق أو تسجيل تلك الجلسات الرائعة التي جمعتني مع الأستاذ عبد الرزاق الحكيم، وربما لو كان هناك توثيق مباشر لتغير طعم الجلسة وصادر عفويتها وهذا ما جعلني أعيش الذاكرة بحرية أكبر.
 كل موضوع يُثار اليوم له مدى في ذاكرتي أعيد قوامه لأستذكر ملامح تلك المعلومات أو جوهر معناها.
 كانت كربلاء تزخر بالمكتبات، وفي كل شارع من شوارعها تجد أكثر من مكتبة، منها ما يتصدر المحلات والأسواق والشوارع ومنها ما ينزوي في الأزقة والدرابين الضيقة مثل: مكتبة الحكمة.
سألته: متى نشأ سوق السرداب للكتب؟
السرداب: هو السوق الرئيس للكتب في كربلاء، كان عبارة عن سرداب تحت الارض يقع داخل سوق الخفافين، وكان هذا السرداب يضم مجموعة من المكتبات، لتمثل واجهة حضارية وثقافية للمدينة في هذا المكان بعد احداث الانتفاضة الشعبانية عام 1991 م.
 يقول الاستاذ عبد الرزاق الحكيم: اصطفت على الجانبين في السرداب عشرة محلات عرضت الكتب المختلفة، وكانت المكتبات في اماكن متفرقة من المدينة، وحين هدمت الحكومة الاسواق والمحلات المحيطة بالمرقدين المباركين، بدأ اصحاب المكتبات بالبحث عن مكان بديل بعيداً عن أعين السلطة، وقريباً من الحرمين.
 قلت: لماذا الحرب على المكتبات في كربلاء؟ فأجابني: لأن ارث كربلاء ديني، وحركة الدين والثقافة الدينية محاربة في العراق، لذلك كان سرداب الكتب هو البديل.
 لابد أن نتذكر مكتبة المتنبي الواقعة بين الحرمين لصاحبها الحاج مهدي عبد الرزاق ابو طحين حين هدمته الحكومة، لم يكن هنالك حل انجح من السرداب؛ لأنه لا يريد أن يبتعد عن مصدر الثقافة، فالسرداب كان هو المكان الأقرب للعتبتين، فُتحت أول مكتبة في السرداب، ثم اخذ السوق بالاشتهار تدريجيا، ثم اتبعه الاستاذ محمد كاظم صاحب مكتبة المنتظر، والاستاذ احمد عباس، والاستاذ هاشم الخياط، ومحل خياطة آخر تحول لبيع الكتب، فالخياط ستار هادي (ابو محمد) آخر من تحول محله في السرداب الى سوق المكتبات للكتب الدينية حصرا، وبعض الكتب الفكرية والادبية والفلسفية.
 سألت الاستاذ عن المراقبة الامنية؟ فقال: نعم، لابد انها زادت على السوق والحكومة البعثية لها مضايقاتها ومتابعتها، وكان السوق يتعرض الى مداهمات الامن اثر اخباريات بعض المتنكرين من رجال الأمن يسألون عن كتب دينية ممنوعة، ليقع صاحب المكتبة في قبضة الامن او رجال البعث المقبور.
 كان ضباط الامن يتنكرون بحجة طلب بعض الكتب الممنوعة، وطبعا الكتب الممنوعة لا يعني انها كتب تمسّ الحزب أو الحكومة أو كتاب سياسي لا، وانما الممنوع كتب الزيارات، وتم القاء القبض على عدد من اصحاب المكتبات.
 بقي سوق السرداب مصدرا للكتاب الثقافي بأنواعه المختلفة، وكل من يبحث عن كتاب مهم او مخطوطة نادرة كان يلجأ الى هذا المكان، وكان بعض اصحاب المكتبات يطوفون المحافظات من أجل شراء الكتب النادرة او المهمة والمؤثرة في تاريخ العراق طبعا ليست السياسية.
 وتعرفت على شخصية عادل السلامي (ابو سيف) الذي كان يقصد مدينة الموصل الحدباء، ويطوف على مكتبات الميثاق والنقشبندية، وكذلك مكتبة ابو وسام، ومكتبة خالد، من أجل تمويل سوق السرداب بالكتب النادرة والمخطوطات، والكتب التي تطبع مرة واحدة، هذا تاريخ سوق السرداب، وما أجمله من التأريخ.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=207758
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 09 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 09 / 14