(١١)
(نسيج وازياء)
ان الخالق سبحانه علم أن لا شيء من هذه المواد الصلبة والسائلة رغم تنوعها يفي بتهيئة لباس الانسان الذي يستر عورته، و يقيه اذى الحر والبرد ويكون ملائما لجسمه وعمليا في نفس الوقت لحركته وسكونه ونومه فأوجد له مادة في الطبيعة تفي هذا كله وتزيد عليه لان جعلها زينة يتجمل بها بشتى الازياء(*)
فينسج منها الخفيف والثقيل والرقيق والسميك ،كل ذلك بحسب ما يلائمه من ظروف الجو والبيئة التي يعيش فيها وليتخذ منها الفرش والاغطية والستائر والاخبية الى غير ذلك من الاستعمالات ،ولا شيء من مواد الطبيعة يقوم مقام مادة النسيج في لينها وملائمتها لجلد الانسان وقابليتها للطي والتقطيع والتفصيل والخياطة وصناعة الازياء فضلا عن قابليتها المثالية لأنواع الصبغ والتلوين الثابت فاخرج له مادته من الارض زهرة تتفتح عن قطن تحسب انه صوف او شيء من ذلك اضافة الى ما يتخذه الانسان من اشعار الانعام واصوافها واوبارها() وما تنتجه دودة قز من حرير وابرسيم وما تم صنعه حديثا من خيوط البلاستيكية ومادة اخرى ثم الهم الله الانسان ان يصنع من ذلك نسيجا يستتر به ويتجمل ويتدثر فتفكر في عظيم نعمة الله على الانسان في ذلك وتخيل لو لم تكن مادة اللباس التي اوجدها الله لنا كيف سيستطيع الانسان ان يستتر او يتدثر او يتجمل بملابسه
ـــــــــ
(*)يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)الاعراف
()وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)النحل
&&&
(١١)
(قائمة العناصر الاولية)
ان تنوع العناصر الرئيسية بتفاوت البنية الداخلية لتركيب ذراتها كما وكيفا(*) لتتنوع بعد ذلك غلظة ولطافة وخفة وثقلا، وشفافية وسماكة ولينا وخشونة، اتاح للإنسان الاستعانة بها وادخالها في صناعاته المختلفة فاستخدم كل عنصر ومادة فيما يناسبه من الغايات ، فللنوافذ الزجاج والابواب الخشب والحديد والجدران الطين والآجر والطابوق وللأسقف الجذوع والاسمنت والطابوق المرصوص ولقطع الاشياء وقصها السكاكين المصنعة من الفولاذ، وهكذا لولا هذا التنوع في المواد الذي اتاحته يد القدرة باختلاف التركيب الذري في العناصر والجزئيات لما توفرت للإنسان كل هذه الاختيارات ،ولكان مضطرا الى خيارات محدودة قد يكون استخدامها في مواضع غير مناسبا، فيبدو النقص والعيب وعدم التناسق ورداءة الصنعة
،() وفي هذا المجال يقول د٠ مارتن ريس في كتابه الشهير فقط ستة ارقام( ان عالمنا اليوم محكوم بالذرات وبكيفية تجمعها مع بعضها لتكون جزيئات ومعادن وخلايا حية فالطريقة التي تلمع بها النجوم تعتمد على الهوية بداخل هذه الذرات ويحتمل ان ما يثبت المجرات على تماسكها هو جاذبية حشد هائل من الجزئيات تحت النووية ..) ولقد بدا البحث عن الانماط في المادة وتصنيفها في منذ العصور القديمة، ففي عصر ارسطو كان اساس كل شيء الماء والنار والارض والهواء ومع مرور الوقت ادت الكثير من الملاحظات والتجارب بالإضافة الى اكتشاف عناصر جديدة الى ظهور نظام تصنيف علمي للعناصر على اساس الخصائص والسلوكيات المشتركة وهو ما يعرف باسم الجدول الدوري ويبلغ عدد العناصر المكتشفة لحد الان 118 عنصر يوجد منها 92 عنصر في الارض او خارجها اما باقي العناصر الاخرى فهي عناصر مصنعة غير طبيعية ، ان اختلاف البنية الداخلية للعناصر هو سبب هذا التنوع الكبير الذي نشهده في المواد من جهة الطبيعة والخاصية والتفاعل فعند درجة الصفر مئوية مثلا يبدأ تجمد الماء وهو يتبخر عند درجة 100 بينما تجد مادة اخرى كالأمونيا السائلة (***)غليانها (٣٥'٣٣-)٥ ودرجة تجمدها (٧'٧٧ -)٥ والفريون يتجمد عند (١٦٠ -)٥ وتتراوح درجة الغليان فيه بين (٨-و٢٩-)٥ حسب الصنف مما اتاه للإنسان الاستفادة من هاتين المادتين في عمل اجهزة التبريد والتثليج من خلال الاستفادة من فارق درجة الغليان وتجمد لهذه المواد تحت ضغط الجو العادي وهنا نتساءل لمّ اختلفت العناصر في تركيبها الذري كي تتنوع المواد المتاحة في الطبيعة فتدس دائرة الاختيار لدى الانسان وتمكينه في الحياة والصناعة ،أجاء ذلك صدفة ام يندرج تحت خطة الخالق المتكاملة في الابداع والقدرة
ـــــــــــــ
(*)المراد من العناصر المواد الاولية التي لا يمكن تجزئتها الى مواد اصعر أو ابسط منها بالطرق الكيمائية ، وكان اول من استخدم مصطلح العنصر هو الفيلسوف اليوناني افلاطون حوالي 360 سنة قبل الميلاد ومع مرور الوقت أدت الى الكثير من الملاحظات والتجارب الى اكتشاف عناصر جديدة شكلت فيما بعد ما عرف بالجدول الدوري ، ويبلغ عدد العناصر المكتشفة لحد الآن 118 عنصر يوجد منها 92 عنصر بشكل عادي في الطبيعة مثل الاوكسجين والنتروجين والكربون والذهب والفضة ،أما العناصر االأخرى فيتم تركيبها صناعيا مثل التكنيتيوم ولعل الاشارة الى هذا التنوع في الآية ( وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا الوانه ان في ذلك لآية لقوم يذكرون)12النحل، فيدخل في ذلك المعادن وسائر المركبات العنصرية التي ينتفع بها الإنسان في معاشه ولا يبعد ان يكون اختلاف الألوان كناية عن الاختلاف النوعي بينها
()﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾[ الأعراف: 10]
(***) الامونيا مركب من النيتروجين والهيدروجين
&&&&
|