• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قصة أمير النحل.. .
                          • الكاتب : ضمياء العوادي .

قصة أمير النحل..

 بينما كنت أحضر الطعام، وأستمع الى إحدى المحطات الاذاعية، وملاكي بالقرب مني ترسمُ لوحاتها الطفولية، ذكر المذيع عدداً من ألقاب أمير المؤمنين (عليه السلام): المرتضى، يعسوب الدين، أبو تراب، وأمير النحل.. مرت هذه الألقاب على أسماعي بصورة اعتيادية، أما على ملاكي المبتدئ الاكتشاف.. فقد جذبها أحد تلك الألقاب فسألتني: أمي ماذا يعني أمير النحل؟ قلت: هذه قصة طويلة تعالي نتناول الطعام، ثم نذهب الى بستان جدتك، وهناك سأخبرك بالقصة ما رأيك؟ 

- حسناً أمي أمراً وطاعة.. وبعد أن انتهينا من الطعام، ذهبنا الى بستان الحضن الأكبر، بستان الأمان والحنان بستان أمي، وصلنا الى هناك رحبت بنا بأيادي العطف والرحمة، جلسنا قليلاً، ثم خرجت أنا وملاكي لنحضر بعض الثمار ونتجول، قلت لها: بُنيتي.. كانت هناك سرية لرسول الله(ص) مُعَدّة لقتال جيش من الكفار.
سألت ملاكي: وماذا تعني كلمة سرية؟
:ـ السرية يا عزيزتي مجموعة من الجنود، يُرسلهم الرسول لقتال الكفار، وهو لا يكون معهم، فإن شاركهم سُمّيَتْ غزوة.. المهم يا حبيبتي خرج الجنود، وكان بينهم وبين جيش المشركين جبال، وكانت هذه الجبال مَلْأى بالنحل.
:ـ أمي... أمي.. انظري هناك نُحيلات على الزهور.. 
:ـ نعم يا عزيزتي.. سبحان الله، فمنظرهن جميل، حسنا ملاكي.. أتتني فكرة تعالي معي اقتربنا من الزهور، نادَيتُ احداهن، وقفتْ بالقرب مني، وهي خائفة تحرك بجناحيها الفضِيّين.
:ـ أمي انظري كم هي جميلة، لكن لماذا هي خائفة؟ 
قلت لها:ـ بُنيتي.. لأنها تعرف مكر البشر.. لكن يا امي، انا لا نريد أذيّتها، امي هل يمكننا أن نسألها عن قصة أمير النحل.
:ـ حسناً اسأليها انتِ.. :ـ لا امي.. أنا ايضاً أخاف منها، اسأليها انتِ.. :ـ حسناً.. أيتها النحلة العزيزة، اطمئني.. جئنا نسألك عن قصة أمير النحل، ونريد ان نعرف منك أكثر. أجابتْ النحلة: كنا نعيش بسلام، نحضر العسل انا واخواتي، كان عددنا الف الف او يزيد.
وفجأة.. سمعنا صوت دوي من بعيد، صوت حركة بشر، شعرنا بالخوف، ارسلنا احدى النَحَلاتْ الى هناك، رأت عساكر وجنودا وخيولا عندما اخبرتنا باقترابهم تحضرنا في هيئة صفوف متراصة، وعند وصولهم خرجنا وخيّمنا عليهم كغيمةٍ هُيّئَتْ للأمطار، هجمنا عليهم.
صرخت ملاكي: ولكن لماذا..! لم ينووا ايذاءكم؟ 
اجابت النحلة: نحن جُبلنا على هذه الطبيعة، اذا شعرنا بالخوف نهجم، ولا نفرق بين من ينوي لنا خيراً او شرّاً.. وأتبعت قائلة: مرّ ذلك اليوم بسلام، وبعد يومين عادوا من جديد بضجيجهم، جاءت اختي مسرعة:ـ إنهم... إنهم عادوا من جديد، قالت ملكتنا: الم يكِفّوا عنا، فلنلقنهم درسا اليوم، ايضاً أمرت بإعداد الجيوش، تكاتفنا وتعاونا لنغلبَ عدوّنا، وبالفعل هزمناهم من جديد، وبعد ثلاثة ايام كان صباحا مميزاً كنا نشم عبير الزهور وكأنه يتسلل الى الجبل.
شعاع الشمس كان يخترق خليتنا ليضيئها، نسائم للهواء كانت تلاعب الخلية أتت تلك الجيوش من جديد، شعرنا بالضجر خرجنا لنقاومهم، ولمن هذه المرة كان معهم كوكب من الالماس يمتطي فرساً بيضاء كشعاع تلك التي تضيء يومنا، وقفنا كبنيان رُصَّ في مكانه، ثم سمعنا صوته الملائكي يُرتل: (وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا  يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل: 69).
 ثم رفع صوتهُ قائلاً: (يا ايها النحل، يا جنود الله، عليكم بأعداء الله)، فهمنا ما رُتِلَ على مسامعنا، ثم توجهنا الى جنود الكفر فهجمنا عليهم، ومزقناهم كلَّ ممزق، ثم عدنا ببشارة النصر للمسلمين ولِأميرهم وأميرنا علي بن ابي طالب(عليه السلام) ومنذ هذه الحادثة سُمّيَ بأمير النحل.
 التفتُ بعيون غرقى بدموع الحنين لملاكي الصغير قلتُ: حبيبتي هل عرفتِ الان جوابك؟ اجابت الصغيرة ببراءة: نعم يا أمي وشكرا لك ايتها النحلة.. أتمنى ان تكوني صديقتي فلديّ ازهار جميلة.
ابتسمتُ قائلة:ـ شكراً لكِ ايتها النحلة.. والان حان موعد العودة، وفي المساء اتجهنا الى السرير، غطيْتُ ملاكي الصغير، ثم اردفت بهدوء: امي كان يوماً جميلاً.. أجبتها بقبلة:ـ وسيكون الغد افضل بإذن الله تعالى.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=207103
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 08 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 08 / 28