من الأماكن المقدسة في الحلة مقام (مشهد ردة الشمس)، وقد ذكره العلامةُ المجلسي وسماه (مشهد الشمس) وأيضا ذكره الكثير من العلماء والمتتبعين للتراث والرحالة العرب والأجانب، وتوارد ذكره من يوم: (رُدّتِ الشمسُ للإمام علي عليه السلام وجيشه) بعد انقضاء وقت الفريضة، حيث بقي الجيشُ والمرافقون للإمام علي عليه السلام في حيرة، فما كان منه إلا أن قرأ بعض التسبيحات، وأومأ بيده الشريفة لقرص الشمس المائل للمغيب تماما، فرجع القرصُ كرامة من الله للإمام عليه السلام...
اندهش القومُ وعلا التكبير والصلوات، وهذه الحادثة معترف بها عند المذاهب الإسلامية؛ فكان من المعتاد في كل مناسبة لهذا التأريخ أن يؤذن في المساجد لحلول هذا اليوم، فيسارع الناسُ على شكل مجاميع في كل طريق، ومن كل فج في المزارع والبساتين رجالا ونساء، وتسير مجاميع لأجله مئات تتبعها مئات، قاصدين حرم مشهد (ردة الشمس) لأداء فريضة الصلاة والزيارة والتبرك... ولا ينفك هذا التجمع إلا بعد سماع الخطباء والشعراء موضحين، وموثقين هذه المناسبة الجليلة.
ومن بعدها سماع التعازي الحسينية من قبل قراء المنبر الحسيني؛ ومما يذكر أن يومَ الخامس عشر من شهر شوال هو يوم هذه المناسبة، كما يذكره البعض هناك مناسبة أخرى، وهي آخر أربعاء من شهر صفر يقصد المقام حشدٌ هائل بالألوف من النساء، لقصد الصلاة والزيارة والتبرك بهذا المقام الجليل...
وفي وصف لهذا المقام الطاهر الذي هو عبارة عن قبة من الآجر القديم ذات اواوين قوسية ترتكز على جدران سميكة مثمنة الفتحات، ذات نقوش إسلامية وزخارف نباتية جميعها مبنية بالطين النقي المخبوط بالتبن الناعم، و(كفشة) زهر القصب يزيدها قوة وتماسكا...
إن الماهرين من بنّائي الحلة وما جاورها، لهم الباع الطويل في بناء هذه المشاهد المقدسة، والمقام المذكور ببنائه الحالي الجميل، ومنارته المزخرفة وسط بستان من النخيل على الشارع العام مابين الحلة وكربلاء المقدسة... وهو حاليا يُعد من أحياء مركز مدينة الحلة، يُزار دوما وتقام فيه الاحتفالات الشعبية الدينية والمناسباتية، حيث قربه وموقعه الجميل وكراماته المشهودة.
|