ما أن أسمع صوته أتذكر خالتي وهي تروي لي، حين سمعته أول مرة بداية السبعينيات حين سمعت صوته الآسر في صحن العباسي المطهر، ولم تكن تعرف صاحبه فركضت حافية لتتبين الصوت، حين سألتها هل صوته مثلما هو في أيامنا؟ وقد كنا في العام 2014م وقتها.
فأجابت خالتي (صوته يتجوهر تجوهر وكاشان يتجدد) وكلما هل شهر محرم الحرام علينا في البصرة يحضر صوته حيث يقرأ في المعقل فتغلق الطرق الإزدحامات ويقدم الناس من القضية النواحي البعيد منذ صلاة الظهر وموعد مجلسه بعد صلاة العشاء يدخل الجنوب بشدة كأنه أول صوت ينعى الإمام الحسين (عليه السلام) كأنه صوت بشير بن حذلم حين دخل المدينة ينعى الإمام الحسين (عليه السلام) وقد عاد ركبه المبارك مفجوعاً به وبصحبه.
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها * قتل الحسين فأدمعي مدرار
الجسم منه بكربلاء مضرج * والرأس منه على القناة يدار
السلام عليك يا ناعي الزهراء السلام عليك في الخالدين
فيحي في الجنوب روحه المفجوعة روحه التي نفخت بروح الحزن
فصاغت نواعيه ومراثيه
يحي الروح في الجنوب المواسي للإمام الحسين "عليه السلام"
الفادي له الجنوب غير الآبه بالقتل حياءً من العباس "عليه السلام" اللائذ براية العباس الحالف غير الحانث باسمه
الجنوب (ابو كصة التعرك)
وشوارب للي تنتخي بشارب العباس "عليه السلام"
الجنوب حامي الأرض والعرض
الجنوب الملبي لفتوة الحق دون تردد
الجنوب الذي جعل الشهادة نهراً وزف شبابه بكل شمم
يا أيها السيد كنت بناءً قل نظيره ومهندساً لا مهندس صوت بل مهندس معمار رفيع الطراز لا يعلم إلا الله ما بنيت وشيدت لك في الجنة وفي رحاب سيد الشهداء.
واليوم تسألني أختي آمنة لماذا أفتقدك في أيام المحرم؟
فأجبتها: أريد ناعي صادق مثل سيد جاسم الطويرجاوي "رحمه الله" صوت يخترق الحجاب الحجاز والقلب والحجب ويجعل يفجع بالبكاء صوت.
أريد ناعي (يسحن الروح)
يفجعني ويفجع معي ويقطع النعي ويبكي ويقول: (مالي قلب أنعى زينب) صوت يجلس مع البسيط الذي لا يملك سوى حصير وشربة وينعى له صوت منذور للإمام الحسين "عليه السلام" مذ كان طفلا في الرابع ابتدائي يطلب منه المعلم أن يلقي محفوظة في الاصطفاف.
(عش في علوا هكذا أيها العلم)
فتصرخ فيه الهاشمية ليرفع صوته:
(أنا بنت من وأدور الشرايع
وابن والدي العباس ضايع)
صوت يذكرني بكل اهلي الجنوبيين بكل خوالي واصواتهم الكارثية بحزنها
صوت يذكرني بجدتي أم مصدق رحمها الله رحمة واسعة وهي تنعى الإمام الحسين (عليه السلام) بلسان السيدة زينب "عليها السلام" في خربة الشام
كعدنا بخرابة للي مالها السكوف
كعدنا وقلوبنا ترجف من الخوف
تمنيت عيني ابو علي تشوف
السلام عليك وانت تعيد بطولات ابو الفضل العباس وانت تنعاه بكل شمم وكبرياء
مناديا: أرفع راسك بشجاعة ابو فاضل
صوت يقف أمام قبر أم البنين في البقيع يواسيها غير آبه بتهديد وعيد
لو أن صخراً سمع صوتك يا سيد لبكى ليوم يبعثون.
|